قلنا : تعنى هذا المحبوس موسى ؟ قال : نعم ، قلنا : سترنا عليك فقم من عندنا خيفة أن يراك أحد جليسنا فنؤخذ بك ! قال : والله لا يفعلون ذلك أبداً والله ما قلت لكم إلا بأمره وإنه ليرانا ويسمع كلامنا ، ولو شاء أن يكون معنا لكان ! قلنا : فقد شئنا فادعه الينا ! فإذا قد أقبل رجل من باب المسجد داخلاً كادت لرؤيته العقول أن تذهل ، فعلمنا أنه موسى بن جعفر عليهالسلام ، ثم قال : أنا هذا الرجل ، وتركنا وخرجنا من المسجد مبادراً فسمعنا وجيباً شديداً ، وإذا السندي بن شاهك يعدو داخلاً إلى المسجد معه جماعة فقلنا : كان معنا رجل فدعانا إلى كذا وكذا دخل هذا الرجل المصلي وخرج ذاك الرجل ولم نره ، فأمر بنا فأمسكنا ، ثم تقدم إلى موسى وهو قائم في المحراب فأتاه من قبل وجهه ونحن نسمع فقال : يا ويحك كم تخرج بسحرك هذا وحيلتك من وراء الأبواب والأغلاق والأقفال وأردك ، فلو كنت هربت كان أحب إليَّ من وقوفك هاهنا ، أتريد يا موسى ان يقتلني الخليفة ؟! قال فقال موسى ونحن نسمع كلامه : كيف أهرب ولله في أيديكم موقت لي يسوق إليها أقداره وكرامتي على أيديكم .. في كلام له !
قال : فأخذ السندي بيده ومشى ثم قال للقوم : دعوا هذين وأخرجوا إلى الطريق فامنعوا أحداً يمر من الناس حتى أتم أنا وهذا إلى الدار » !
أقول : هذا يعني أن ابن السكيت رحمهالله كان شاباً ، لأنه قتل شهيداً على تشيعه بيد المتوكل بعد نحو خمسين سنة .
كما تدل الرواية على أن الإمام عليهالسلام كان يخرج من سجنه كثيراً ، وكان السندي يعلم بذلك ، ويضطرب خوفاً من أن يتهمه هارون بأنه أطلقه !