أربعة أسفار من التوراة ، وقرأت ظاهر القرآن حتى استوعبته كله ، فقال لي العالم : إن كنت تريد علم النصرانية فأنا اعلم العرب والعجم بها وإن كنت تريد علم اليهود فباطي بن شرحبيل السامري أعلم الناس بها اليوم ، وإن كنت تريد علم الإسلام وعلم التوراة وعلم الإنجيل وعلم الزبور وكتاب هود وكلما أنزل على نبي من الأنبياء في دهرك ودهر غيرك ، وما أنزل من السماء من خبر فعلمه أحد أو لم يعلم به أحد فيه تبيان كل شئ وشفاء للعالمين ، وروح لمن استروح إليه ، وبصيرة لمن أراد الله به خيراً ، وأنس إلى الحق ، فأرشدك إليه ، فأته ولو مشياً على رجليك ، فإن لم تقدر فحبواً على ركبتيك ، فإن لم تقدر فزحفاً على إستك ، فإن لم تقدر فعلى وجهك . فقلت : لا بل أنا أقدر على المسير في البدن والمال ، قال : فانطلق من فورك حتى تأتي يثرب ، فقلت : لا أعرف يثرب ، قال : فانطلق حتى تأتي مدينة النبي صلىاللهعليهوآله الذي بعث في العرب ، وهو النبي العربي الهاشمي ، فإذا دخلتها فسل عن بني غنم بن مالك بن النجار ، وهو عند باب مسجدها ، وأظهر بزة النصرانية وحليتها ، فإن واليها يتشدد عليهم والخليفة أشد ، ثم تسأل عن بني عمرو بن مبذول وهو ببقيع الزبير ، ثم تسأل عن موسى بن جعفر وأين منزله وأين هو ، مسافر أم حاضر ؟ فإن كان مسافراً فالحقه فإن سفره أقرب مما ضربت إليه ، ثم أعلمه أن مطران عليا الغوطة غوطة دمشق هو الذي أرشدني إليك ، وهو يقرؤك السلام كثيراً ويقول لك : إني لأكثر مناجاة ربي أن يجعل إسلامي على يديك ، فقص هذه القصة وهو قائم معتمد على عصاه ، ثم قال : إن أذنت لي يا سيدي كفَّرت لك وجلست !