قالت : لو دعوت أبي فأتيته وهو مضطجع وهو يقول : أعوذ بالله من الجوع ضجيعاً . فقلت له : يا رسول الله إن عندنا طعاماً ، فقام واتكأ علي ومضينا نحو فاطمة عليهاالسلام ، فلما دخلنا قال : هلم طعامك يا فاطمة فقدمت إليه البرمة والقرص ، فغطى القرص وقال : اللهم بارك لنا في طعامنا . ثم قال : أغرفي لعائشة فغرفت ، ثم قال : أغرفي لأم سلمة فغرفت ، فما زالت تغرف حتى وجهت إلى نسائه التسع قرصة قرصة ومرقاً . ثم قال : أغرفي لأبيك وبعلك ، ثم قال : أغرفي وكلي واهدي لجاراتك ، ففعلت ، وبقي عندهم أياماً يأكلون .
٢٢. ومن ذلك : أن امرأة عبد الله بن مسلَّم أتته بشاة مسمومة ، ومع النبي صلىاللهعليهوآله بشر بن البراء بن عازب ، فتناول النبي صلىاللهعليهوآله الذراع وتناول بشر الكراع ، فأما النبي فلاكها ولفظها وقال : إنها لتخبرني أنها مسمومة . وأما بشر فلاك المضغة وابتلعها فمات ، فأرسل إليها فأقرت ، وقال : ما حملك على ما فعلت ؟ قالت : قتلت زوجي وأشراف قومي ، فقلت : إن كان ملكاً قتلته وإن كان نبياً فسيطلعه الله تبارك وتعالى على ذلك .
٢٣. ومن ذلك : أن جابر بن
عبد الله الأنصاري قال : رأيت الناس يوم الخندق يحفرون وهم خماص ، ورأيت النبي عليهالسلام
يحفر وبطنه خميص ، فأتيت أهلي فأخبرتها فقالت : ما عندنا إلا هذه الشاة ومحرز من ذرة . قال : فاخبزي ، وذبح الشاة وطبخوا شقها وشووا الباقي ، حتى
إذا أدرك أتى النبي صلىاللهعليهوآله
فقال : يا رسول الله اتخذت طعاماً فائتني أنت ومن أحببت ، فشبك أصابعه في يده ثم نادى : ألا إن جابراً يدعوكم إلى طعامه . فأتى أهله مذعوراً
خجلاً ، فقال لها : هي الفضيحة قد حفل بهم أجمعين . فقالت : أنت دعوتهم أم هو ؟ قال : هو . قالت : فهو
أعلم بهم . فلما رآنا أمر بالأنطاع فبُسطت على الشوارع ، وأمره أن يجمع التواري يعني
قصاعاً كانت من خشب والجفان ، ثم قال : ما عندكم من الطعام ؟ فأعلمته فقال : غطوا السدانة والبرمة