تحديده ، وعلى عوامق ناقبات الفكر تكييفه ، وعلى غوائص سابحات الفطر تصويره ، لا تحويه الأماكن لعظمته ، ولا تذرعه المقادير لجلاله ، ولا تقطعه المقائيس لكبريائه ، ممتنع عن الأوهام أن تكتنهه ، وعن الأفهام أن تستغرقه ، وعن الأذهان أن تمثله ، قد يئست من استنباط الإحاطة به طوامح العقول ، ونضبت عن الإشارة إليه بالإكتناه بحار العلوم ، ورجعت بالصغر عن السمو إلى وصف قدرته لطائف الخصوم .
واحدٌ لا من عدد ، ودائمٌ لا بأمد ، وقائمٌ لا بعمد ، ليس بجنسٍ فتعادله الأجناس ، ولا بشبحٍ فتضارعه الأشباح ، ولا كالأشياء فتقع عليه الصفات !
قد ضلت العقول في أمواج تيار إدراكه ، وتحيرت الأوهام عن إحاطة ذكر أزليته ، وحصرت الأفهام عن استشعار وصف قدرته .. الى أن قال عليهالسلام :
وأشهد أن لا إله إلا الله إيماناً بربوبيته ، وخلافاً على من أنكره ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، المقَر في خير مستقر ، المتناسخ من أكارم الأصلاب ومطهرات الأرحام ، المخرج من أكرم المعادن محتداً ، وأفضل المنابت منبتاً ، من أمنع ذروةً ، وأعز أرومةً ، من الشجرة التي صاغ الله منها أنبياءه وانتجب منها أمناءه عليهمالسلام ، الطيبة العود ، المعتدلة العمود ، الباسقة الفروع ، الناضرة الغصون ، اليانعة الثمار ، الكريمة الحشا . في كرم غرست ، وفي حرم أنبتت ، وفيه تشعبت وأثمرت ، وعزت وامتنعت ، فسمت به وشمخت ، حتى أكرمه الله عز وجل بالروح الأمين ، والنور المبين . والكتاب المستبين ، وسخر له البراق وصافحته الملائكة ، وأرعب به الأباليس ، وهدم به الأصنام ، والآلهة المعبودة دونه .. » . الخ .