وفي الإمامة والسياسة لابن قتيبة : ٢ / ١٤٤ ، أن المنصور سأل ابن أبي ذؤيب ، ومالك بن أنس ، وابن سمعان ، وهم أئمة عند السنة : « أي الرجال أنا عندكم ، أمن أئمة العدل ، أم من أئمة الجور ؟ فقال مالك : فقلت يا أمير المؤمنين ، أنا متوسل إليك بالله تعالى وأتشفع إليك بمحمد وبقرابتك منه ، إلا ما أعفيتني من الكلام في هذا ! قال : قد أعفاك أمير المؤمنين ، ثم التفت إلى ابن سمعان فقال له : أيها القاضي ناشدتك الله تعالى أي الرجال أنا عندك ؟ فقال ابن سمعان : أنت والله خير الرجال يا أمير المؤمنين ، تحج بيت الله الحرام ، وتجاهد العدو ، وتؤمن السبل ويأمن الضعيف بك أن يأكله القوي ، وبك قوام الدين ، فأنت خير الرجال وأعدل الأئمة !
ثم التفت إلى ابن أبي ذؤيب فقال له : ناشدتك الله أي الرجال أنا عندك ؟ قال : أنت والله عندي شر الرجال ، استأثرت بمال الله ورسوله ، وسهم ذوي القربى واليتامى والمساكين ، وأهلكت الضعيف وأتعبت القوي وأمسكت أموالهم ، فما حجتك غداً بين يدي الله ؟
فقال له أبو جعفر : ويحك : ما تقول ، أتعقل ؟ أنظر ما أمامك ! قال : نعم ، قد رأيت أسيافاً ، وإنما هو الموت ولا بد منه ، عاجله خير من آجله !
ثم خرجا وجلست ، قال : إني لأجد رائحة
الحنوط عليك ! قلت : أجل : لما نمى إليك عني ما نمى وجاءني رسولك في الليل ظننته القتل ، فاغتسلت وتطيبت ولبست ثياب كفنيّ ! فقال أبو جعفر : سبحان الله ما كنت لأثلم الإسلام وأسعى في نقضه ، أوَما تراني أسعى في أود الإسلام وإعزاز الدين عائذاً بالله مما قلت يا
أبا