فإن قلت : هذه الرواية كما تدل على حكم ما إذا حصل الضرر ، تدل على حكم (١) غيره أيضا.
قلت : لا نسلم فإنا ندعي أنه ليس داخلا في « ما لا تعلمون » ، فإن قبح تكليف الغافل معلوم ، وموضوعية « ما حجب علمه عن العباد » معلوم ، واباحة « ما لم يرد فيه نهي » معلوم ، للاخبار المذكورة.
وأما في صورة الضرر : فكون التكليف حينئذ تكليف الغافل غير معلوم ، إذ الضار يعلم أنه صار سببا لاتلاف مال محترم ، واشتغال الذمة حينئذ ـ في الجملة ـ مما هو مركوز في الطبائع ، وكذا الكلام في كونه من « ما حجب علمه عن العباد » ، ومن « ما لم يرد فيه نهي ».
وثالثها : أن لا يكون الامر المتمسك فيه بالاصل جزء عبادة مركبة ، فلا يجوز التمسك به لو وقع الاختلاف في صلاة ، هل هي ركعتان أو أكثر؟ أو أقل؟ ـ في نفي الزائد ، وعلى هذا القياس.
بل! كل نص بين فيه أجزاء ذلك المركب ، كان دالا على عدم جزئية ما لم يذكر فيه ، فيكون نفي ذلك المختلف فيه حينئذ منصوصا ، لا معلوما بالاصل ، كما لا يخفى.
ثم اعلم أن جماعة من الفقهاء ، كثيرا ما يستعملون الاصل المحمول عليه العدم ، وبعد التأمل يظهر رجوعه إلى ادعاء أصالة الوجود ، كما قالوا : « الاصل عدم تداخل الاسباب » يعني : إذا تحقق أمارتان لشيء ، فالاصل عدم الاكتفاء بفعل ذلك الشيء (٢) مرة واحدة ، بل يلزم فعله متعددا بحسب تعدد سببه.
__________________
( فمه ). ورواه في الكافي بسند آخر : الكافي ١ / ٥٧ وقد تقدم الاستشهاد بهذا الحديث ، وسيأتي ذكره أيضا.
١ ـ كلمة ( حكم ) : ساقطة من الاصل ، وقد اثبتناها من سائر النسخ.
٢ ـ في أ و ط : عدم الاكتفاء بذلك الشيء.