يقبل منك ، فلا تدع شيئا إلّا تكلّمت به.
فما ردّ عليه أبو عبد الله شيئا. وجعلت أنا أدعو لأمير المؤمنين ، ودعوت لوصيف ، ومضينا ، فأنزلنا في دار التّيّاح ، ولم يعلم أبو عبد الله ، فسأل بعد ذلك : لمن هذه الدار؟
قالوا : هذه دار التّيّاح.
فقال : حوّلوني ، اكتروا لي.
فلم نزل حتّى اكترينا له دارا. وكانت تأتينا في كل يوم مائدة فيها ألوان يأمر بها المتوكّل ، والفاكهة والثّلج ، وغير ذلك. فما نظر إليها أبو عبد الله ، ولا ذاق منها شيئا. وكانت نفقة المائدة كلّ يوم مائة وعشرين درهما.
وكان يحيى بن خاقان ، وابنه عبيد الله ، وعليّ بن الجهم يأتون أبا عبد الله ويختلفون إليه برسالة المتوكّل.
ودامت العلّة بأبي عبد الله وضعف ضعفا شديدا. وكان يواصل ، فمكث ثمانية أيّام ولا يأكل ولا يشرب. فلمّا كان في اليوم الثّامن دخلت عليه ، وقد كاد أن يطفأ ، فقلت : يا أبا عبد الله ، ابن الزّبير كان يواصل سبعة أيّام ، وهذا لك اليوم ثمانية أيام.
قال : إنّي مطيق.
قلت : بحقّي عليك.
قال : فإنّي أفعل.
فأتيته بسويق فشرب ، ووجّه إليه المتوكّل بمال عظيم فردّه ، فقال له عبيد الله بن يحيى : فإنّ أمير المؤمنين يأمرك أن تدفعها إلى ولدك وأهلك.
قال : هم مستعفون فردّها عليه.
فأخذها عبيد الله فقسّمها على ولده وأهله.
ثمّ أجرى المتوكّل على أهله وولده أربعة آلاف في كلّ شهر ، فبعث إليه أبو عبد الله : إنّهم في كفاية ، وليست بهم حاجة.
فبعث إليه المتوكّل : إنّما هذا لولدك ، ما لك ولهذا؟