خاقان ليترك معاوية وأولاده. وبلغ الخبر إلى المتوكّل ، فأمر بحمل ما اجتمع لهم في عشرة أشهر ، وهو أربعون ألف درهم إليهم. وإنه أخبر بذلك ، فسكت قليلا وضرب بذقنه على صدره ، ثم رفع رأسه فقال : ما حيلتي إن أردت أمرا وأراد الله أمرا؟! (١).
قال أبو الفضل صالح : وكان رسول المتوكّل يأتي أبي يبلّغه السّلام ، ويسأله عن حاله ، فتأخذه نفضة حتّى ندثّره ، ثم يقول : والله ، لو أنّ نفسي بيدي لأرسلتها. وجاء رسول المتوكّل إلى أبي يقول : لو سلم أحد من النّاس سلمت. رفع رجل إليّ أن علويّا قدم من خراسان ، وأنّك وجّهت إليه من يلقاه ، وقد حبست الرجل وأردت ضربه فكرهت أن تغتمّ فمر فيه.
قال : هذا باطل ، يخلى سبيله (٢).
ثم ذكر قصّة في قدوم المتوكّل بغداد ، وإشارته على صالح بأن لا يذهب إليهم ، ثم في مجيء يحيى بن خاقان من عند المتوكّل ، وما كان من احترامه ومجيئه بألف دينار ليفرّقها ، وقوله : قد أعفاني أمير المؤمنين من كلّ ما أكره.
وفي توجيه محمد بن عبد الله بن طاهر ليحضره وامتناعه من حضوره وقوله : أنا رجل لم أخالط السلطان ، وقد أعفاني أمير المؤمنين ممّا أكره. وهذا ممّا أكره.
قال : وكان قد أدمن الصّوم لما قدم ، وجعل لا يأكل الدّسم. وكان قبل ذلك يشترى له الشحم بدرهم ، فيأكل منه شهرا ، فترك أكل الشّحم وأدمن الصّوم والعمل ، فتوهّمت أنّه قد كان جعل على نفسه إن سلم أن يفعل ذلك.
وقال الخلّال أبو بكر : حدّثني محمد بن الحسين أن أبا بكر المرّوذيّ حدّثهم : كان أبو عبد الله بالعساكر يقول : انظر هل تجد لي ماء الباقلّاء.
فكنت ربّما بللت خبزه بالماء فيأكله بالملح. وربّما أنّه منذ دخلنا العساكر إلى أن خرجنا ما ذاق طبخا ولا دسما.
__________________
(١) حلية الأولياء ٩ / ٢١٥.
(٢) الحلية ٩ / ٢١٥.