وأصحاب الخبر يكتبون بخبره إلى العساكر ، والبرد (١) تختلف كلّ يوم.
وجاء بنو هاشم فدخلوا عليه وجعلوا يبكون عليه ، وجاء قوم من القضاة وغيرهم ، فلم يؤذن لهم.
ودخل عليه شيخ فقال : أذكر وقوفك بين يدي الله. فشهق أبو عبد الله وسالت دموعه على خدّيه.
فلمّا كان قبل وفاته بيوم أو بيومين قال : أدعوا لي الصّبيان ، بلسان ثقيل. فجعلوا ينضمّون إليه ، وجعل يشمّهم ويمسح بيده على رءوسهم وعينه تدمع. وأدخلت الطّست تحته ، فرأيت بوله دما عبيطا ليس فيه بول ، فقلت للطّبيب فقال : هذا رجل قد فتّت الحزن والغمّ جوفه.
واشتدّت علّته يوم الخميس [ووضّأته (٢)] فقال : خلال (٣) الأصابع. فلمّا كانت ليلة الجمعة ، ثقل ، وقبض صدرا ، فصاح النّاس ، وعلت الأصوات بالبكاء ، حتّى كأن الدّنيا قد ارتجّت ، وامتلأت السّكك والشّوارع (٤).
وقال أبو بكر الخلّال : أخبرني عصمة بن عصام : ثنا حنبل قال : أعطى ولد الفضل بن إبراهيم أبا عبد الله وهو في الحبس ثلاث شعرات وقال : هذه من شعر النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فأوصى عند موته أن يجعل على كلّ عين شعرة ، وشعرة على لسانه.
ففعل به ذلك عند موته (٥).
وقال حنبل : توفّي يوم الجمعة في ربيع الأوّل.
وقال مطيّن : في ثاني عشر ربيع الأوّل.
وكذلك قال عبد الله بن أحمد ، وعبّاس الدّوريّ.
وقال البخاريّ : مرض أحمد بن حنبل لليلتين خلتا من ربيع الأوّل ، ومات
__________________
(١) البرد : مفردها : بريد.
(٢) في الأصل بياض ، استدركته من : سير أعلام النبلاء ١١ / ٣٣٧.
(٣) في السير : فقال : خلّل.
(٤) السير ١١ / ٣٣٧.
(٥) السير ١١ / ٣٣٧.