ويقال : إنّه كان له أربعة آلاف سريّة وطئ الجميع ، ومات وفي بيت المال أربعة آلاف ألف دينار ، وسبعة آلاف ألف درهم. ولا يعلم أحد متقدّم في جدّ أو هزل إلا وقد حظي بدولته ، ووصل إليه نصيب وافر من المال (١).
ذكر محمد بن أبي عون قال : حضرت مجلس المتوكّل وعنده محمد بن عبد الله بن طاهر ، فغمز المتوكّل مملوكا مليحا أن يسقي الحسين بن الضّحّاك الخليع كأسا ويحييه بتفّاحة عنبر. ففعل ، فأنشأ الخليع يقول :
وكالدّرّة البيضاء حيّا بعنبر |
|
من الورد يسعى في قرائط (٢) كالورد |
له عبثات عند كلّ تحيّة |
|
بعينيه تستدعي الخليّ إلى الوجد |
تمنّيت أن أسقى بكفّيه شربة |
|
تذكّرني ما قد نسيت من العهد |
سقى الله دهرا لم أبت فيه ساعة |
|
من الدّهر إلّا من حبيب على وعد |
فقال المتوكّل : أحسنت والله ، يعطى لكلّ بيت ألف دينار (٣).
ولمّا قتل رثته الشّعراء ، فمن ذلك قول يزيد المهلّبيّ :
جاءت منيّته والعين هاجعة |
|
هلّا أتته المنايا والقنا قصد |
خليفة لم ينل ما ناله أحد |
|
ولم يصغ مثله روح ولا جسد (٤). |
قال عليّ بن الجهم : أهدى ابن طاهر إلى المتوكّل وصائف عدّة فيها «محبوبة» ، وكانت عالمة بصنوف من العلم عوّادة ، فحلّت من المتوكّل محلّا يفوق الوصف. فلما قتل ضمّت إلى بغا الكبير ، فدخلت عليه يوما للمنادمة ، فأمر بهتك السّتر ، وأمر القيان ، فأقبلن يرفلن في الحلي والحلل. وأقبلت «محبوبة» في ثياب بيض ، فجلست منكسرة ، فقال : غنّ. فاعتلّت. فأقسم عليها. وأمر بالعود فوضع في حجرها ، فغنّت ارتجالا على العود :
أيّ [عيش] (٥) عيلذّ لي |
|
لا أرى فيه جعفرا |
__________________
(١) مروج الذهب ٤ / ١٢٢ ، ١٢٣.
(٢) في المروج : «قراطق».
(٣) مروج الذهب ٤ / ١٢٣.
(٤) مروج الذهب ٤ / ١٢٤.
(٥) في الأصل بياض استدركته من : مروج الذهب.