المحاسبيّ وكتبه ، فقال : إيّاك وهذه الكتب ، هذه كتب بدع وضلالات. عليك بالأثر ، فإنّك تجد فيه ما يغنيك عن هذه الكتب.
قيل له : هذه الكتب عبرة.
قال : من لم يكن له في كتاب الله عبرة ، فليس له في هذه الكتب عبرة.
بلغكم أنّ مالكا ، والثّوريّ ، والأوزاعيّ ، صنّفوا هذه الكتب في الخطرات والوساوس؟ ما أسرع النّاس للبدع (١).
وقال أبو سعيد بن الأعرابيّ في «طبقات النّسّاك» : كان الحارث قد كتب الحديث وتفقّه ، وعرف مذاهب النّسّاك وآثارهم وأخبارهم. وكان من العلم بموضع ، لو لا أنّه تكلّم في مسألة اللّفظ ومسألة الإيمان ، صحبه جماعة ، وكان الحسن المسوحيّ من أسنّهم (٢).
وقال أبو القاسم النّصراباذيّ : بلغني أنّ الحارث تكلّم في شيء من الكلام ، فهجره أحمد بن حنبل ، فاختفى في دار ببغداد ومات فيها. ولم يصلّ عليه إلّا أربعة نفر. ومات سنة ثلاث وأربعين (٣).
قال الحسين بن عبد الله الخرقيّ : سألت المرّوذيّ عن ما أنكر أبو عبد الله على المحاسبيّ فقال : قلت لأبي عبد الله : قد خرج المحاسبيّ إلى الكوفة فكتب الحديث وقال : أنا أتوب من جميع ما أنكر عليّ أبو عبد الله.
فقال : ليس لحارث توبة. يشهدون عليه بالشّيء ويجحد ، إنّما التّوبة لمن اعترف. فأمّا من شهد عليه وجحد فليس له توبة.
ثم قال : احذروا عن حارث بالآفة الأ (...) (٤).
فقلت : إنّ أبا بكر بن حمّاد قال لي إنّ الحارث مرّ به ومعه أبو حفص الخصّاف.
قال : فقلت له : يا أبا عبد الله ، تقول إنّ كلام الله بصوت.
__________________
(١) تاريخ بغداد ٨ / ٢١٥ وفيه زيادة.
(٢) تاريخ بغداد ٨ / ٢١٥ ، ٢١٦ ، وفيات الأعيان ٢ / ٥٨.
(٣) تاريخ بغداد ٨ / ٢١٥ ، ٢١٦ ، وانظر : وفيات الأعيان ٢ / ٥٨.
(٤) بياض في الأصل مقدار كلمة لم أتبيّنها.