وكان فقيها فصيحا ذكيّا صاحب تصانيف في الفقه والأصول تدلّ على تبحّره.
قال الخطيب أبو بكر (١) : حديث الكرابيسيّ يعزّ جدّا. وذلك أنّ أحمد بن حنبل كان يتكلّم فيه بسبب مسألة اللّفظ. وكان هو أيضا يتكلّم في أحمد ، فتجنّب النّاس الأخذ عنه لهذا السّبب. ولمّا بلغ يحيى بن معين أنّه يتكلّم في أحمد قال : ما أحوجه إلى أن يضرب. ثمّ لعنه (٢).
قال أبو الطّيّب الماورديّ ، فيما رواه أبو بكر بن شاذان ، عن عبد الله بن إسماعيل بن برهان عنه ، قال : جاء رجل إلى الحسين الكرابيسيّ فقال : ما تقول في القرآن؟
قال : كلام الله غير مخلوق.
قال الرجل : فما تقول في لفظي بالقرآن؟
قال حسين : لفظك به مخلوق.
فمضى الرجل إلى أحمد بن حنبل فعرّفه ذلك ، فأنكره وقال : هذه بدعة.
فرجع إلى حسين فعرّفه إنكار أبي عبد الله ، فقال له حسين : تلفّظك بالقرآن غير مخلوق.
فرجع إلى أحمد فعرّفه رجوع حسين وأنّه قال : تلفّظك بالقرآن غير مخلوق. فأنكر أحمد ذلك أيضا وقال : هذا أيضا بدعة.
فرجع إلى حسين فعرّفه إنكار أبي عبد الله أيضا فقال : أيش نعمل بهذا الصّبيّ؟ إنّ قلنا مخلوق ، قال : بدعة ، وإن قلنا : غير مخلوق ، قال : بدعة؟ فبلغ ذلك أبا عبد الله ، فغضب له أصحابه ، فتكلّموا في حسين الكرابيسيّ (٣).
وقال الفضل بن زياد : سألت أبا عبد الله ، عن الكرابيسيّ ، وما أظهر ،
__________________
(١) في تاريخ بغداد ٨ / ٦٤.
(٢) إذ قيل له إن حسينا الكرابيسي يتكلّم في أحمد بن حنبل ، فقال : ومن حسين الكرابيسي؟ لعنه الله ، إنما يتكلّم الناس في أشكالهم ، ينطل حسين ويرتفع أحمد ، قال جعفر : ينطل يعني ينزل ، وهو الدردي الّذي في أسفل الدّنّ. (تاريخ بغداد ٨ / ٦٤ ، ٦٥).
(٣) تاريخ بغداد ٨ / ٦٥ وفيه زيادة : وكان ذلك سبب الكلام في حسين والغمز عليه بذلك.