الفقر والقنوع.
قال أبو سعد السّمعانيّ : قال والدي : سمعت أحمد بن الحسين البصريّ الخبّاز يقول : رأيت أبا عبد الله الدّامغانيّ كان يحرس في درب الرّياح ، وكان يقوم بعيشته إنسان اسمه أبو العشائر الشيرجيّ (١).
قلت : ثمّ آل به الأمر إلى [أن] ولي قضاء القضاة للمقتدي بالله ، ولأبيه قبله. وطالت أيّامه ، وانتشر ذكره ،
وكان مثل القاضي أبي يوسف قاضي الرّشيد في أيّامه حشمة وجاها وسؤددا وعقلا. وبقي في القضاء نحوا من ثلاثين سنة (٢).
ولي أولا في ذي القعدة سنة سبع وأربعين ، بعد موت قاضي القضاة أبي عبد الله بن ماكولا (٣).
__________________
= وفي (الأنساب) و (معجم البلدان) و (اللباب) : ولد سنة أربعمائة ، مع أن ابن الأثير أرّخه في (الكامل) سنة ٣٩٨ ه.
وجاء في (البداية والنهاية) أنه ولد سنة ثمان عشرة وأربعمائة.
(١) المنتظم ٩ / ٢٢ ، ٢٣ (١٦ / ٢٤٩ ، ٢٥٠) ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٨٦ ، الوافي بالوفيات ٤ / ١٣٩ و «الشّيرجيّ» : بكسر الشين المعجمة ، وسكون الياء ، وفتح الراء ، وفي آخرها الجيم.
هذه النسبة إلى بيع دهن «الشّيرج» وهو دهن السمسم ، وببغداد يقال لمن يبيع الشيرج :الشّيرجي والشيرجاني. (الأنساب ٧ / ٤٥٤) وكذا في (اللباب لابن الأثير) و (لبّ اللّباب للسيوطي).
أما في كتب اللغة فضبطت هذه الكلمة بفتح الشين ، ومنعوا كسرها ، ففي «المصباح المنير» :«الشيرج : ... وهو بفتح الشين مثل زينب وصيقل وعيطل ، وهذا الباب باتفاق ملحق بباب «فعلل» نحو جعفر ، ولا يجوز كسر الشين ، لأنه يصير من باب درهم ، وهو قليل ، ومع قلّته فأمثلته محصورة ، وليس هذا منها». وانظر (تاج العروس ٢ / ٦٤).
وأقول أنا خادم العلم «عمر تدمري».
هو «السّيرج» كما يلفظها الطرابلسيون ، بالسين المهملة المكسورة.
(٢) المنتظم ٩ / ٢٤ ، وفي سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٨٦ : «ثلاثين سنة وأشهرا». وسيأتي نحوه قريبا.
(٣) قال ابن الجوزي : «وشهد عند أبي عبد الله بن ماكولا قاضي القضاة في يوم الأربعاء ثالث عشر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين ، فلما توفي ابن ماكولا قال القائم بأمر الله لأبي منصور بن يوسف : قد كان هذا الرجل يعني ابن ماكولا قاضيا حسنا نزها ، ولكنه كان خاليا من العلم ، ونريد قاضيا عالما ديّنا. فنظر ابن يوسف إلى عميد الملك الكندري وهو المستولي على الدولة ، وهو الوزير ، وهو شديد التعصّب لأصحاب أبي حنيفة ، فأراد التقرّب إليه ، فاستدعى أبا =