الدّين والخير.
قال ابن الأخضر : سألته يوما عن زكاة ماله فضحك وقال : سبعة آلاف دينار.
قال ابن النّجّار : حدّثونا أنّه غرق له مركب ، فأحضر الغوّاصين ، فلم يزالوا يصعدون ما فيه حتّى قال : قد بقي طشت وإبريق ، فإنّ هذا المال مزكّى لا يضيع منه شيء. فغاصوا فوجدوه.
توفّي في شعبان ببغداد ، وله أربع وثمانون سنة (١). ولم يرو شيئا.
وكان يحفظ القرآن.
قال أبو المظفّر (٢) : كان خصّيصا بجدّي ، يحبّه ويحسن إليه. حكى لي جماعة عنه أنّ عينه ذهبت ، قال : فتوضّأت من دجلة ، وإذا بفقير عليه أطمار رثّة ، فقلت : امسح على عيني. فمسح عليها ، فعادت صحيحة ، فناولته دنانير ، فامتنع وقال : إن كان معك رغيف فنعم. فقمت وأتيت بخبز ، فلم أره (٣).
فكان نصر رحمهالله لا يمشي إلّا وفي كمّه خبز.
وسمعت جماعة يحكون أنّ نصرا اشترى مملوكا تركيّا بألف دينار ، وأعطاه تجارة بألف دينار ، وجهّزه إلى بلاد التّرك. وكان جدّي قد جمع كتاب «المغفّلين» فكتب نصر إليه فعاتبه ، وقال : أنا من جملة المحبّين لك ، وأنت تلحقني بالمغفّلين؟ فقال : بلغني كذا وكذا ، وكيف يعود إليك وقد صار ببلاده
__________________
(١) وكان مولده بحرّان سنة ٤٨٤ ه.
(٢) في مرآة الزمان ٨ / ٢٣٠.
(٣) وقال ابن الجوزي : وحدّثني أبو محمد العكبريّ قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم في المنام ، فقلت : يا رسول الله امسح بيدك عيني فإنّها تؤلمني ، فقال : اذهب إلى نصر ابن العطار يمسح عينك. قال : فقلت في نفسي : أترك رسول الله وأمضي إلى رجل من أبناء الدنيا ، فعاودته القول : يا رسول الله امسح عيني بيدك ، فقال لي : أما سمعت الحديث «إن الصدقة لتقع في يد الله» وهذا نصر قد صافحته يد الحق فامض إليه. قال : فانتبهت فقصدته ، فلما رآني قام فتلقّاني حافيا ، فقال : الّذي رأيته في المنام قد تقدّم في حقك بشيء. فقرأ على عيني الفاتحة والمعوّذات ، فسكن الألم ووجدت العافية. (المنتظم).