ضجيج الضّعفاء والأيتام حول جنازته. ودفن بالموصل ، ونقل بعد سنة إلى مكّة في تابوت ، فوقفوا به وطافوا بتابوته ، ثمّ ردّوه فدفنوه بالمدينة النّبويّة.
قلت : خالفوا السّنّة بما فعلوا.
ولمّا دخل تابوته الكوفة ذكره الخطيب (١) وأثنى عليه وقال :
سرى نعشه فوق الرّقاب وطالما |
|
سرى برّه (٢) فوق الركاب ونائله |
فتى مرّ بالوادي فانثنت رماله (٣) |
|
عليه وبالنّادي فحنّت (٤) أرامله (٥) |
فضجّ النّاس بالبكاء ، وكانت ساعة عجيبة.
قال ابن خلّكان (٦) : وكان ابنه جلال الدّين عليّ من بلغاء الأدباء ، له ديوان رسائل أجاد فيه. وكان الصّدر مجد الدّين أبو السّعادات المبارك بن الأثير في صباه كاتبا بين يديه ، فكان يملي عليه الإنشاء. وتوفّي سنة أربع وسبعين. وقد ولّي وزارة الموصل ، ومات بدنيسر (٧) ، ودفن عند أبيه.
وقد حكى ابن الأثير (٨) في ترجمة الجواد مآثر ومحاسن لم يسمع بمثلها فالله يرحمه (٩).
__________________
(١) في وفيات الأعيان ٥ / ١٤٦ : الشخص الّذي كان مرتبا معه.
(٢) في الوفيات : سرى جوده.
(٣) في الكامل ، والوفيات : «يمرّ على الوادي فتثني رماله».
(٤) في الوفيات : «فتبكي» ، وفي الكامل «فتثني».
(٥) الكامل في التاريخ ١١ / ٣٠٧ ، التاريخ الباهر ١ / ١٢٧ ، وفيات الأعيان ٥ / ١٤٦ ، مرآة الزمان ٨ / ٢٥٠ ، الروضتين ج ١ ق ٢ / ٣٤٩.
(٦) في وفيات الأعيان ٥ / ١٤٦.
(٧) دنيسر : بضم الدال المهملة وفتح النون وسكون الياء المثنّاة من تحتها وفتح السين المهملة ، وهي لفظ مركّب عجمي ، وأصله دنيا سر. ومعناه : رأس الدنيا. وعادة العجم في الأسماء المضافة أن يؤخّروا المضاف عن المضاف إليه. وسر بالعجمي : رأس.
(٨) في الكامل ١١ / ٣٠٧ ـ ٣١٠.
(٩) وقال سبط ابن الجوزي : وكان فصيحا ، أديبا لبيبا ، عارفا وشاعرا ، ولما حبس قال :
أين اليمين وأين ما عاهدتني |
|
ما كان أسرع في الهوى ما خنتني |
وتركتني حيران حيّا مدنفا |
|
أرعى النجوم وأنت ترقد هني= |