الإمامية لم يتابعوه في تصحيح كل الأحاديث التي رواها في كتابه ، وفي جواز العمل بها ، بل ضعَّفوا كثيراً من أحاديثه كما تقدم ، مع أنه من أجَل الكتب عندهم وأكثرها فائدة ، من حيث إنه حوى أكثر من ستة آلاف وسبعمائة حديث معتبر.
وبذلك يتضح الفارق بين نظر أهل السنة إلى صحيح البخاري ، ونظر الشيعة إلى كتاب الكافي ، فإن مكانة صحيح البخاري التي تبوَّأها عند أهل السنة إنما حصلت بسبب إجماع علماء أهل السنة على صحة أحاديثه كلها (١) ، بخلاف الكافي وغيره من كتب الحديث عند الشيعة الإمامية ، فإنها لم تنل هذه المنزلة عندهم.
ولهذا نرى جمعاً من حفَّاظ الحديث من أهل السنة مع أنهم صنَّفوا
__________________
(١) قال الحافظ أبو نصر الوابلي السجزي : أجمع أهل العلم الفقهاء وغيرهم على أن رجلاً لو حلف بالطلاق أن جميع ما في كتاب البخاري مما روي عن النبي قد صح عنه ، ورسول الله (ص) قاله ، لا شك أنه لا يحنث ، والمرأة بحالها في حبالته (مقدمة ابن الصلاح ، ص ١٣). وقال أبو المعالي الجويني : لو حلف إنسان بطلاق امرأته ان ما في كتابي البخاري ومسلم مما حكما بصحته من قول النبي (ص) لما ألزمته الطلاق ولا حنثته ، لإجماع علماء المسلمين على صحتهما (صحيح مسلم بشرح النووي ١/٢٠ ، تدريب الراوي ١/١٣١). وقال ابن تيمية في كتابه علوم الحديث ، ص ٧٢ : ومن الصحيح ما تلقاه بالقبول والتصديق أهل العلم بالحديث ، كجمهور أحاديث البخاري ومسلم ، فإن جميع أهل العلم بالحديث يجزمون بصحة جمهور أحاديث الكتابين ، وسائر الناس تبع لهم في معرفة الحديث.