وقوله : «ظاهره وباطنه» يرشد إلى ذلك ، فإن ظاهر القرآن وباطنه مرتبطان بمعانيه لا بألفاظه (١) ، وجمع الظاهر والباطن يعني الإحاطة بمعاني آيات الكتاب العزيز كلها ، أو أن الظاهر هو لفظه ، والباطن معناه ، فيكون المعنى أنه لا يستطيع أحد أن يدَّعي أن عنده علماً بألفاظ القرآن ومعانيه كاملة إلا الأوصياء عليهمالسلام.
ولو كان المراد بجمع القرآن جمع ألفاظه كاملة في مصحف لما صحَّ لنا أن نقول : «إن غير علي عليهالسلام من أئمة أهل البيت عليهمالسلام قد جَمَعه» ، لأنه إذا كان علي علي السلام قد جمعه قبلهم ، فكيف يتأتى لهم أن يجمعوا ما كان مجموعاً؟!
هذا مضافاً إلى أن الظاهر من أحاديث الباب أنها جاءت تؤكد حقيقة واحدة ، هي أن أئمة أهل البيت عليهمالسلام علموا تفسير القرآن وفهموا معانيه كلها ، وعرفوا أحكامه كما أرادها الله سبحانه ، وأن أحداً من هذه الأمة لا يستطيع أن يدّعي أنه يعلم ذلك إلا هُم.
وأما مسألة جمع القرآن بالمعنى الذي ذكره الجزائري فلم يكن مراداً بالحديثين الأولين ، ولم تحمْ حوله باقي الأحاديث الأُخر المذكورة في هذا الباب.
المعنى الثاني : أن المراد بجمع القرآن كما أُنزل هو جمعه في مصحف رُتّب فيه المنسوخ قبل الناسخ ، والمكّي قبل المدني ، والسابق
__________________
(١) الظاهر : ما ظهر معناه ، والباطن : ما خفي تأويله.