وتوفّيت ليلة الإثنين رابع عشر المحرّم ، وصلّي عليها بجامع القصر ، وأزيل شبّاك المقصورة لأجلها ، وحضرها خلق كثير وعامّة العلماء.
وقال الشّيخ الموفّق ، وقد سئل عنها : انتهى إليها (١) إسناد بغداد ، وعمّرت حتّى ألحقت الصّغار بالكبار. وكان لها دار واسعة ، وقلّ ما كانت تردّ أحدا يريد السّماع. وكانت تكتب خطّا جيّدا ، لكنّه تغيّر لكبرها.
وقال أبو سعد السّمعانيّ في «الذّيل» وذكرها ، فقال : امرأة من أولاد المحدّثين ، متميّزة فصيحة ، حسنة الحظّ ، تكتب على طريقة الكاتبة بنت الأقرع. وما كان ببغداد في زمانها من يكتب مثل خطّها. وكانت مختصّة بأمير (٢) المؤمنين المقتفي.
سمّعها أبوها الكثير ، وعمّرت حتّى حدّثت. قرأت عليها جزء الحفّار (٣).
__________________
(١) في الأصل : «إلينا» ، والتصحيح من سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٥٤٣ ـ.
(٢) في الأصل : «بأمور».
(٣) وقال الصفدي : رأيت بخط بعض الأفاضل يقول : نقلت من مجموع بخط الصاحب كمال الدين ابن العديم لشهدة بنت الإبري الكاتبة :
مل بي إلى مجرى النسيم الواني |
|
واجعل مقيلك دوحتي نعمان |
وإذا العيون شنّ غارة سحرها |
|
ورمين عن خضر المتون حوان |
فاحفظ فؤادك أن يصاب بنظرة |
|
عرضا فآفة قلبك العينان |
من كلّ جائلة الوشاح يهزّها |
|
مرح الشباب اللّدن هزّ البان |
بيض غنين بحسنهنّ عن الحلي |
|
ولذاك أسماء النساء غواني |
سكنوا العقيق وحرّكوا بغرامهم |
|
قلبا يكاد يطير بالخفقان |
حمّلته ثقل السلوّ فلم يطق |
|
فأطعته في طرحه وعصاني |
سلبته يوم الدوحتين طليقة |
|
نزلت بهذا الحيّ من غطفان |
حتّام تفرط في الصبابة أضلعي |
|
وتلجّ في عبراتها أجفاني |
وإذا تبسّم ثغر برق منجد |
|
أغرى دموع العين بالهملان |
يا حاوي البكرات هل لك روحة |
|
بالغمر عند مروّح الرعيان |
فتذكر الناسّين عهدي بالحمى |
|
فجديده أبلاه من أبلاني |
وذكرت ميدان الوداع فأرسلت |
|
عيني إلى أمد البكاء عناني |