أبو الفتح بن الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي التركي.
ختنه أبوه في سنة تسع وستّين ، وسرّ به ، وزيّنوا دمشق ، وكان وقتا مشهودا وهو يوم عيد الفطر. وزيّنت دمشق أيّاما وضربت خيمة بالميدان ، وصلّى هناك بالنّاس شمس الدّين قاضي العسكر ، وخطب ، ثمّ مدّ السّماط العامّ ، وأنهب على عادة التّرك.
وعاد نور الدّين إلى القلعة فمدّ سماطه الخاصّ ، ولعب من الغد بالكرة ، فاعترضه برتقش أمير آخور وقال له : باش. فاغتاظ بخلاف عادته ، وزير برتقش ، ثمّ ساق ودخل القلعة ، فما خرج منها إلّا ميّتا.
وتوفّي نور الدّين بعد الختان بأيّام ، فحلّف أمراء دمشق لابنه أن يكون في السّلطنة بعده ، وهو يومئذ صبيّ ، ووقعت البطاقة إلى حلب بموت نور الدّين ، ومتولّيها شاذبخت الخادم ، فأمر بضرب البشائر ، وأحضر الأمراء والعلماء وقال : هذا كتاب من السّلطان بأنّه ختن ولده وولّاه العهد. فحلفوا كلّهم في الحال. ثمّ قام إلى مجلس فلبس الحداد ، وخرج إليهم وقال : يحسن الله عزاكم في الملك العادل بن زنكي.
وأمّا صلاح الدّين فسار إلى الشّام ليكون هو المدبّر لدولة هذا الصّبيّ ، ويستولي على الأمور. ووقعت الفتنة بحلب بين السّنّة والرّافضة. ونهبت الشّيعة دار قطب الدّين ابن العجميّ ، ودار بهاء الدّين بن أمين الملك. ونزل بحريّة القلعة وأمرهم الأمير شمس الدّين عليّ بن محمد ابن الداية والي القلعة أن يزحفوا إلى دار أبي الفضل بن الخشّاب رئيس الشّيعة ، فزحفوا إليها ونهبوها ، واختفى ابن الخشّاب.
ثمّ وصل الصّالح إسماعيل إلى حلب في ثاني المحرّم من سنة سبعين ، ومعه سابق الدّين عثمان ابن الداية ، فقبض عليه ، وصعد القلعة ، وظهر ابن
__________________
= ج ١ ق ١ / ٧٧ ، والعسجد المسبوك ٢ / ١٨٣ ، ١٨٤ ، ومضمار الحقائق ٥٩ ، ٦٠ ، والنجوم الزاهرة ٦ / ٨٩ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ١٥٩ ، وشذرات الذهب ٤ / ٢٥٨ ـ.