الخشّاب ، وركب في جمع عظيم إلى القلعة ، فصعد إليها ، والشّيعة تحت القلعة وقوف. فقتل بها ابن الخشّاب وتفرّق ذلك الجمع. وسجن شمس الدّين عليّ بن الدّاية وأخواه : سابق الدّين عثمان ، وبدر الدّين حسن.
ودخل السّلطان صلاح الدّين دمشق في سلخ ربيع الآخر ، ثمّ سار إلى حمص فملكها. ثمّ نازل حلب في سلخ جمادى الأولى ، فنزل الملك الصّالح إلى البلد ، واستنجد بأهلها ، وذكّرهم حقوق والده ، فوعدوه بالنّصر ، وجاءته النّجدة من ابن عمّه صاحب الموصل مع عزّ الدّين مسعود بن مودود. فردّ السّلطان صلاح الدّين إلى حماه ، وتبعه عزّ الدّين مسعود ، فالتقوا عند قرون حماه في رمضان. فانكسر عزّ الدّين وانهزم ، وردّ صلاح الدّين فنازل حلب ، فصالحوه وأعطوه المعرّة ، وكفرطاب ، وبارين. ثمّ جاء صاحب الموصل سيف الدّين غازي في جيش كثيف ، وجاء صلاح الدّين بعساكره ، فالتقوا في شوّال سنة إحدى وسبعين ، فانكسر صاحب الموصل على تلّ السّلطان ، وسار صلاح الدّين ، فأخذ منبج ، ثمّ نازل عزاز ففتحها ، ثمّ نازل حلب في ذي القعدة ، وأقام عليها مدّة. وبذل أهلها المجهود في القتال ، بحيث أنّهم كانوا يحملون ويصلون إلى مخيّم صلاح الدّين ، وأنّه قبض على جماعة منهم ، فكان يشرّح أسافل أقدامهم ، ولا يمنعهم ذلك عن القتال ، فلمّا ملّ صالحهم وسار عنها. وخرجت إليه أخت الملك الصّالح ، وكانت طفلة ، فأطلق لها عزاز لمّا طلبتها منه. وكان تدبير أمر حلب إلى والدة الصّالح ، وإلى شاذبخت ، وخالد بن القيسرانيّ.
ثمّ إنّ الصّالح مرض بالقولنج جمعتين ، ومات في رجب من سنة سبع ، وتأسّفوا عليه ، وأقاموا عليه المآتم ، وفرشوا الرّماد في الأسواق ، وبالغوا في النّوح عليه. وكان أمرا منكرا.
وكان ديّنا ، عفيفا ، ورعا ، عادلا ، محبّبا إلى العامّة ، متّبعا للسّنّة ، رحمهالله ، ولم يبلغ عشرين سنة.
وذكر العفيف بن سكّرة اليهوديّ ـ لا رحمهالله ـ ، وكان يطبّبه ، قال :