أصحّ من الافتقار ، والذّلّ ، والإنكسار. فقيل له : يا سيّدي ، فكيف يكون؟ قال : تعظّم أمر الله ، وتشفق على خلق الله ، وتقتدي بسنّة سيّدك رسول الله.
وورد أنّه كان فقيها ، شافعيّ المذهب.
وعن الشّيخ يعقوب بن كراز قال : كان سيّدي أحمد إذا قدم من سفر شمّر ، وجمع الحطب ، ثمّ يحمله إلى بيوت الأرامل والمساكين ، فكان الفقراء يوافقونه ويحتطبون معه. وربّما كان يملأ الماء للأرامل ويؤثرهم رحمهالله.
قيل له : أي منصور أطلب. فقال : أصحابي. فقال رجل لسيّدي أحمد : يا سيّدي وأنت أيش؟ فبكى فقال : أي فقير ، ومن أنا في البين ، ثبّت نسب وأطلب ميراث (١).
فقلت : يا سيّدي أقسم عليك بالعزيز أيش أنت؟
قال : أي يعقوب ، لمّا اجتمع القوم وطلب كلّ واحد شيئا (٢) دارت النّوبة إلى هذا اللّاشيء أحمد وقيل : أي أحمد أطلب. قلت : أي ربّ علمك محيط بطلبي. فكرّر عليّ القول ، قلت : أي مولاي ، أريد أن لا أريد ، وأختار أن لا يكون لي اختيار. فأجابني ، وصار الأمر له وعليه. أي يعقوب ، من يختاره العزيز يحببه إلى هذه البقعة.
وعن يعقوب قال : مرّ سيّديّ على دار الطّعام ، فرأى الكلاب يأكلون التّمر من القوصرّة ، وهم يتجارشون ، فوقف على الباب لئلّا يدخل إليهم أحد يؤذيهم ، وهو يقول : إي مباركين اصطلحوا وكلوا ، وإلّا يدروا بكم منعوكم.
ورأى فقيرا يقتل قملة فقال : لا وأخذك الله ، شفيت غيظك؟
وعن يعقوب ، قال لي سيّديّ أحمد : يا يعقوب ، لو أنّ عن يميني خمسمائة يروّحوني بمراوح النّدّ والطّيب ، وهم من أقرب النّاس إليّ ، وعن يساري مثلهم من أبغض النّاس إليّ ، معهم مقاريض يقرضون بها لحمي ، ما
__________________
(١) العبارة هكذا في الأصل.
(٢) في الأصل : «شيء».