زاد هؤلاء عندي ، ولا نقص هؤلاء عندي بما فعلوه. ثمّ قرأ : (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) (١).
وكان سيّدي أحمد إذا حضر بين يديه تمر أو رطب ينقّي الشّيص والحشف لنفسه يأكله ويقول : أنا أحقّ بالدّون من غيري ، فإنّي مثله دون.
وكان لا يجمع بين لبس قميصين لا في شتاء ولا في صيف ، ولا يأكل إلّا بعد يومين ثلاثة أكلة. وإذا غسل ثوبه نزل في الشّطّ كما هو قائم يفركه ، ثمّ يقف في الشّمس حتّى ينشف.
وإذا ورد عليه ضيف يدور على بيوت أصحابه يجمع الطّعام في مئزر.
وأحضر ابن الصّيرفيّ وهو مريض ليدعو له الشّيخ ومعه خدمه وحشمه ، فبقي أيّاما لم يكلّمه ، فقال يعقوب بن كراز : أي سيّدي ما تدعو لهذا المريض.
فقال : أي يعقوب ، وعزّة العزيز لأحمد كلّ يوم عليه مائة حاجة مقضيّة ، وما سألتموه (٢) منها حاجة واحدة.
فقلت : أي سيّدي فتكون واحدة لهذا المريض المسكين.
فقال : لا كرامة ولا عزازة ، تريدني أكون سيّئ الأدب. لي إرادة وله إرادة.
ثمّ قرأ : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٣) أي يعقوب ، الرجل المتمكّن في أحواله ، إذا سأل حاجة وقضيت له ، نقص تمكّنه درجة.
فقلت : أراك تدعو عقيب الصّلوات وكلّ وقت. قال : ذاك الدّعاء تعبّد وامتثال. ودعاء الحاجات لها شروط ، وهو غير هذا الدّعاء.
ثمّ بعد يومين تعافى ذلك المريض.
__________________
(١) سورة الحديد ، الآية ٢٣ ـ.
(٢) في الأصل : «وما سألتوه».
(٣) سورة الأعراف ، الآية ٥٤ ـ.