وسمعت منه كتاب «المجالسة» بدمشق ، «ومعجم شيوخه». وكان قد شرع في «التّاريخ الكبير» لمدينة دمشق ، وصنّف التّصانيف ، وخرّج التّخاريج.
وقرأت بخطّ ابن الحاجب قال : حدّثني زين الأمناء قال : حدّثني ابن القزوينيّ ، عن والده مدرّس النّظاميّة ، يعني أبا الخير ، قال : حكى لنا أبو عبد الله الفراويّ قال : قدم أبو القاسم بن عساكر فقرأ عليّ ثلاثة أيّام ، فأكثر وأضجرني ، وآليت على نفسي أن أغلق الغد بابي وأمتنع ، فلمّا أصبحت قدم عليّ شخص فقال : أنا رسول رسول الله صلىاللهعليهوسلم إليك. قلت : مرحبا برسول رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فقال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم في النّوم فقال لي : امض إلى الفراويّ وقل له : قدم بلدكم رجل من الشّام أسمر اللّون يطلب الحديث ، فلا يأخذك منه ضجر ولا ملل.
قال القزوينيّ : فو الله ما كان الفراويّ يقوم من المجلس حتّى يقوم الحافظ ابتداء منه.
وقال ابنه القاسم أبو محمد الحافظ : كان رحمهالله مواظبا على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن. يختم في كلّ جمعة ، ويختم في رمضان كلّ يوم ، ويعتكف في المنارة الشّرقيّة ، وكان كثير النّوافل والأذكار. وكان يحيي ليلة النّصف والعيدين بالصّلاة والذكر ، وكان يحاسب نفسه على لحظة تذهب في غير طاعة.
وقال لي : لمّا حملت بي أمّي رأت في منامها قائلا يقول لها : تلدين غلاما يكون له شأن.
وحدّثني أنّ أباه رأى رؤيا معناها : يولد لك ولد يحيي الله به السّنّة.
حدّثني أبي رحمهالله قال : كنت أقرأ على أبي الفتح المختار بن عبد الحميد وهو يتحدّث مع الجماعة فقال : قدم علينا أبو عليّ بن الوزير ، فقلنا : ما رأينا مثله. ثمّ قدم علينا أبو سعد بن السّمعانيّ فقلنا : ما رأينا مثله. حتّى قدم علينا هذا ، فلم نر مثله (١).
__________________
(١) معجم الأدباء ١٣ / ٨٣ ، ٨٤ ـ.