وأنَّ محمّداً عبده ورسولُه ، ونبيُّه ، وصفيُّه ، ونجيبُه ، أرسله إلى كافّة الناس أجمعين بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون ، وأشهد مَن في السماوات والأرض ، من النبيّين والمرسلين ، والملائكة والناس أجمعين أنَّ محمّداً سيّد الأوّلين والآخرين.
وفي المرّة الثانية : «أشهد أنَّ محمّداً رسول الله» ، يقول : أشهد أن لا حاجة لأحد [إلى أحد] إلّاَ إلى الله الواحد القهّار الغنيّ عن عباده والخلائق والناس أجمعين ، وأنّه أرسل محمّداً إلى الناس بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً ، فمن أنكره وجحده ولم يؤمن به أدخله الله عزّوجلّ نار جهنّم خالداً مُخَلَّداً ، لا ينفكُّ عنها أبداً.
وأما قوله : «حيّ على الصلاة» ، أي هلمّوا إلى خير أعمالكم ، ودعوة ربّكم ، وسارعوا إلى مغفرة من ربّكم ، وإطفاء ناركم التي أوقدتموها على ظهوركم ، وفكاك رقابكم التي رَهَنتموها ، ليكفّر الله عنكم سيئاتكم ، ويغفر لكم ذنوبكم ، ويبدّل سيئاتكم حسنات ، فإنّه مَلِكٌ كريم ، ذو الفضل العظيم ، وقد أذِن لنا ـ معاشرَ المسلمين ـ بالدخول في خدمته ، والتقدّم إلى بين يديه.
وفي المرة الثانية : «حيّ على الصلاة» ، أي قوموا إلى مناجاة ربّكم وعرض حاجاتكم على ربكم ، وتوسّلوا إليه بكلامه ، وتشفعوا به وأكثروا الذكر والقُنوت ، والركوع والسجود ، والخضوع والخشوع ، وارفعوا إليه حوائجكم ، فقد أذن لنا في ذلك.
وأمّا قوله : «حيّ على الفلاح» ، فإنّه يقول : أَقْبِلُوا إلى بقاء لا فناءَ معه ، ونجاة لا هلاك معها ، وتعالوا إلى حياة لا موت معها ، وإلى نعيم لا نفاد له ، وإلى مُلك لا زوال عنه ، وإلى سرور لا حزن معه ، وإلى أُنس لا وحشة معه ، وإلى نور لا ظلمة معه ، وإلى سعة لا ضيق معها ، وإلى بهجة لا انقطاع لها ، وإلى غِنى لا فاقة