الناس عن الإسلام القهقرى؟! (١) إذ ليس في الرؤيا المناميّة كبير أمر ولا كثير طائل ، وإذا كان المعراج رؤيا فلماذا لم يَرَها الآخرون كما رأى الأذان سبعة أو أربعة عشر أو عشرون شخصاً؟! لكي لا يكذّب المشركون النبيَّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو لكي لا يرتدّ من أسلم من المسلمين؟ ألم يقولوا مثل هذا التعليل في سـرّ رؤى الصحابة للأذان؟!
فهذه النصوص ترفع هؤلاء إلى السماء وتجعلهم قرب الوحي ، وتحاول إنزال مقامات النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في المعراج إلى حدّ الرؤيا العادية ، فنحن لو لحظنا دور المجتهدين في الشر يعة ووقفنا على اجتهادات الصحابة واقتراحاتهم على رسول الله في الأذان وغيرها ، وعرفنا الدواعي التي دفعت بعمر بن الخطّاب أن يرفع (حيّ على خير العمل) أو يضع (الصلاة خير من النوم) في الأذان لآمَنَّا بأن الشرارة الأولى لهذا التحريف جاءت من قبل هذا القسم من الصحابة ، وأن فكرة كون الأذان رؤيا تتّفق مع فكر هذا الصنف لا المتعبّدين ، وذلك لاجتهادهم وعدم تعبّدهم بالنصوص. ونظرة هؤلاء تختلف عن نظرة أهل البيت إلى الشر يعة والإسراء والمعراج وغيرها.
الأمويّون والأذان
لقد تطوّرت فكرة الرؤيا وما جاء في تشريع الأذان في العهد الأموي وتأطّرت بإطارها الخاص ؛ إذ لو جمعنا القرائن والشواهد لعرفنا بأن معاوية ومن بعده هم الذين تبنوا هذه الفكرة وأنّهم كانوا قد سعوا لتثقيف الناس حسبما ير يدونه ، وهذا ما نلاحظه في نصوص الأذان بعد الإمام عليّ ، إذ لم يشر عليّ عليهالسلام إلى هذا التضاد في الأذان في ما رواه عن النبيّ ، بل لم يردنا خبرٌ صريحٌ في تكذيب الروايات المدّعية لثبوت تشريع الأذان بالرؤيا قبل الإمام الحسن بن عليّ عليهالسلام.
__________________
(١) الكافي ٨ : ٣٤٣ ـ ٣٤٥ باب رؤيا النبيّ.