مقدّمة المؤلف
مرّ الفقه الإسلامي بمراحل وأدوار متعددة ، وكُتب بأساليب ورؤى مختلفة ، وطبق مناهج خاصة لفقهاء الإسلام ، فالبعض أجمل فيه ، والآخر فصّل ، وثالث عُني بذكر الأدلّة ، ورابع بتكثير الفروع ، وخامس بمسائل الخلاف ، وسادس بفقه الوفاق ، واهتمّ غيرهم بجوانب أُخرى منه.
وقد دُوّنت تلك المصنّفات تارة أصلاً ومتناً ، واُخرى تعليقاً وشرحاً ، وثالثة نظماً وشعراً ، وغير ذلك.
وقد اختططتُ منهجاً بين تلك المناهج ، مسلِّطاً الضوء على العلل والأسباب التي أدّت إلى اختلاف المسلمين في الأحكام الشرعيّة ، موضّحاً فيه ملابسات التشريع ، غير مُتناس لمنهج الأقدمين في دراسة الفروع ، آخذاً بنظر الاعتبار ما يلائم عقليّة المسلم المعاصر من التعرّف على جذور الخلاف وأسبابه.
فالفقيه لو جمع إلى أدلّته القرآنيّة والحديثيّة شيئاً من تاريخ التشريع وملابسات الأحكام الشرعية لا تّضح للسامع والقارئ حقائق كثيرة في هذا السياق. وكذا المؤرّخ عليه أن يدرس الأحداث دراسة تحليلية استنباطية كما يفعل الفقيه بالأحاديث ، وأن لا يكتفي بنقل البلاذري والطبري والواقدي وابن سعد وغيرهم من أعلام المؤرِّخين.