خوض الصحابة ولا التابعين واختلافهم فيها ، ثمّ جاء الخلاف الشديد من المتآخرين ، ثمّ كلّ من المتفرّقين أدلى بشيء صالح في الجملة وإن تَفاوَت» (١).
ترى ما مدى مصداقية هذا الكلام وقربه من الواقع؟ وهل من الصحيح أنّ الصحابة لم يختلفوا في الأذان كما ادّعى هذا القائل من المتأخرين؟! بل هل يصحّ ما قاله ابن حزم عن الصحابة ، كما مرّ بنا قبل قليل (٢)؟.
للإجابة عن أهمّ الملابسات والتساؤلات ، لابُدّ من البحث وتنقيح المطالب ووضع النقاط على الحروف ، فنقول مستعينين بالله سبحانه وتعالی :
الأذان لغة واصطلاحاً
من المفيد قبل البدء في تفاصيل هذه الدراسة أن نتعرّف على المعنى اللغويّ والمفهوم الاصطلاحي للأذان ، وبيان تاريخ تشريعه وما قيل في الملابسات الدائرة حوله.
الأذان في اللغة ، هو : مطلق الإعلام ومنه اذنني فلان : أي أعلمني ، قال المقداد السيوري : وهو لغة إمّا من الإذن بمعنىٰ العلم أو الإذن بمعنى الإجارة ، وعلى كلا التقديرين أصله الإيذان كالأمان بمعنى الإيمان والعطاء بمعنى الاعطاء. وقيل إنّه فعال بمعنى التفعيل كالسلام بمعنى التسليم ، والكلام بمعنى التكليم ، فأذّن المؤذّن حينئذٍ بمعنى التأذين وهو أقرب ، ومنه قوله تعالى : (آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ) أي أعلمتكم على سواء (٣).
__________________
(١) سبل السلام ١ : ١٢٢.
(٢) مرّ في صفحة ١٨ ـ ٢٠.
(٣) كنز العمال ١ : ١١٢ ، وانظر فقه القرآن للراوندي ١ : ٩٩.