مصر (سنة ٣٩٣ ه)
شرح ابن خلدون حال الحاكم بأمر الله العبيدي الذي ولي الخلافة (٣٨٦ ـ ٤١١) فقال : ... وأمّا مذهبه في الرافضة فمعروف ، ولقد كان مضطرباً فيه مع ذلك ، فكان يأذن في صلاة التراويح ثمّ ينهى عنها ، وكان يرى بعلم النجوم ويُؤثِره. ويُنقل عنه أنه منع النساء من التصرف في الأسواق ، ومنع من أكل الملوخيا ، ورفع إليه أن جماعة من الروافض تعرّضوا لأهل السنّة في التراويح بالرجم ، وفي الجنائز ، فكتب في ذلك سجلاً قُرئ على المنبر بمصر كان فيه : أمّا بعد ، فإنّ أمير المؤمنين يتلو عليكم من كتاب الله المبين (لَا إِكْراهَ في الدِّين) ...
إلى أن يقول : يصوم الصائمون على حسابهم ويفطرون ، ولا يعارض أهل الرؤية فيما هم عليه صائمون ومفطرون ، صلاة الخمس للدين بها جاءهم فيها يصلون ، وصلاة الضحى وصلاة التراويح لا مانع لهم منها ، ولا هم عنها يُدَفعون ، يخمّس في التكبير على الجنائز المخمّسون ، ولا يمنع من التكبير عليها المربّعون ، يؤذن بـ «حيّ على خير العمل» المؤذّنون ، ولا يؤذى من بها لا يؤذنون ... ولا يؤذن من بها لا يؤذنون ... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كتب في رمضان سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة (١).
وقال ابن الأثير في الكامل عن سبب قتله «... وقيل كان سبب قتله أنّ أهل مصر كانوا يكرهونه لما يظهر منه من سوء أفعاله ، فكانوا يكتبون إليه الرِّقاع فيها سَبّه ، ـ إلى أن يقول ـ : منها أنه أمر في صدر خلافته بسبّ الصحابة رضي الله عنهم ، وأن تكتب على حيطان الجوامع والأسواق ، وكتب إلى سائر عماله بذلك ، وكان ذلك في سنة خمس وتسعين وثلاثمائة.
__________________
(١) تاريخ ابن خلدون ٤ : ٦٠ ـ ٦١.