ثمّ أمر في سنة تسع وتسعين وثلاثمائة بترك صلاة التراويح ، فاجتمع الناس بالجامع العتيق ، وصلّى بهم [إماماً] جميع رمضان ، فأخذه وقتله ، ولم يصلِّ أحد التراويح إلى سنة ثمان وأربعمائة ، فرجع عن ذلك وأمر بإقامتها على العادة.
وبنى الجامع براشدة ، وأخرج إلى الجوامع والمساجد من الآلات والمصاحف ، والستور والحصر ما لم ير الناس مثله ، وحمل أهل الذمة على الإسلام ، أو المسير إلى مأمنهم ، أو لبس الغيار ، فأسلم الكثير منهم ، ثمّ كان الرجل منهم بعد ذلك يلقاه فيقول له : إني أريد العود إلى ديني ، فيأذن له ، ومنع النساء من الخروج من بيوتهن ... (١)
وممّا يجب التنويه به هنا هو أن الحكام ـ بوصفهم حكّاماً ـ قد يتخذون بعض المواقف لمصلحة ، وقد تتدخل السياسة في بعض تصرفاتهم ، ولا أستثني الفاطميين من العباسيين أو العكس ، فهم بشر كغيرهم لهم ميولاتهم ونزعاتهم ، ولا يمكن النجاة من ذلك إلّا بالإمام المعصوم.
بل الذي ذكرناه أو نذكره ما هو إلّا بيان لامتداد النهجين ، وإن استُغلّ من قبل الحكام في بعض الحالات.
اليمامة (سنة ٣٩٤ ه)
ذكر ناصر خسرو المروزي الملقّب بحجّة المتوفّى سنة ٤٥٠ هـ في رحلته وعند حديثه عن أحوال مدينة اليمامة : ... وأمراؤها علويّون منذ القديم ، ولم ينتزع أحد هذه الولاية منهم .... ومذهبهم الزيديّة ، ويقولون في الإقامة (محمّد وعليّ خير البشر وحيّ على خير العمل) (٢).
__________________
(١) الكامل في التاريخ ٧ : ٣٠٥ حوادث سنة ٤١١.
(٢) سفر نامه ناصر خسرو : ١٢٢.