المجتهدون الأوائل والأذان!
والآن لنرى موقف عمر بن الخطاب وموقف غيره من المجتهدين في الأذان ، وهل لهؤلاء دور في هذا التغيير ، أم تقع تبعات التحريف على اللاحقين من بني أميّة وبني العبّاس؟ وغيرهم من المتأخّرين حسب تعبير الصنعاني (١).
إنّ النّصوص السابقة أوقفتنا على وجود اتّجاه في الصحابة وموقف من الأذان يقترح على الرسول أن يتّخذ ناقوساً مثل ناقوس النصارى ، أو بُوقاً مثل بوق اليهود ، فيستاء رسول الله من هذا ويغتمّ لاقتراحات هذا الاتجّاه من الصحابة الذين وصل الأمر بهم إلى أن يقترحوا على الرسول المصطفى إدخال بعض أحكام وأفكار شريعتي موسى أو عيسى المحرَّفتين في منهج الإسلام ، وكأنّ أطروحة الإسلام غير قادرة على أن تفي بالأعباء ؛ فقد رووا عن عمر أنّه قال للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم «يا رسول الله إنّي مررتُ بأخ لي من يهود فكتب لي جوامع من التوراة ، أفلا أعرضها عليك؟ فتغيّر وجه رسول الله.
فقال عمر : رضيت بالله ربّاً وبالإسلام ديناً وبمحمّد رسولاً ، فسُرّي عن النبيّ ، ثمّ قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : والذي نفسي بيده ، لو أصبح فيكم موسى فاتّبعتموه وتركتموني لضللتم ، إنّكم حظّي من الأمم وأنا حظّكم من النبيّين» (٢).
__________________
(١) انظر : كلامه المتقدم في صفحه ٢٣ من هذه الدراسة. قال النووي في شرحه على صحيح مسلم وبعد أن اتى بخبر عبدالله بن زيد قال : ... فيكون الواقع الاعلام اولاً ثمّ راى عبدالله بن زيد الأذان فشرعه النبيّ بعد ذلك اما بوحي واما باجتهاده صلىاللهعليهوآلهوسلم على مذهب الجمهور في جواز الاجتهاد الاجتهاد له صلىاللهعليهوآلهوسلم وليس هو عملاً بمجرد اتمام هذا ما لا يشك فيه بلا خلاف والله اعلم.
(٢) المصنّف لعبدالرزّاق ١٠ : ٣١٣ رقم ١٩٢١٣ ، مجمع الزوائد ١ : ١٧٤ وفيه : يا رسول الله ، جوامع من التوراة أخذتها مع أخ لي من بني زُرَ يق ، فتغيّر وجه رسول الله ...