الفارغة التي تباين شخصية هؤلاء الأفذاذ ، وما هذا إلّا كصنيع الأمويين مع النصوص والأحداث.
لقد سعت حكومة عمر بن الخطاب ومن بعده عثمان والحكومة الأمويّة ، إلى تجريد الحيعلة الثالثة من طابعها السياسي ، بل حاولوا إدخالها في إطار اختلاف وجهات النظر والاجتهاد بين الصحابة كما يسمّونه ، لكنّ الأمر أخذ يختلف في العهد العباسي الأول ثمّ من بعده في الحكومات اللاحقة ، إذ راح يتبلور أكثر فأكثر كون الحيعلة الثالثة شعاراً دينيَّاً سياسياً للثوار ، وأخذت الحكومة تتحسس منه ولا تستطيع خنقه.
فإبراهيم بن عبدالله بن الحسن ـ أخو النفس الزكية الذي خرج بالبصرة بعد شهادة أخيه ـ يأمر أصحابه أن يؤذّنوا بالحيعلة سراً كي لا يقف النهج الحاكم وجواسيسه عليهم. وهكذا حال الحسين صاحب فخ ، فإنّه لم يكن تأذينه وأتباعُهُ بالحيعلة الثالثة إلّا معنى آخر للثورة وليعلنوا أنهم هم الأولى بالله ورسوله وخلافته.
طبرستان (سنة ٢٥٠ ه)
خرج بطبرستان الحسن بن زيد بن محمّد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد ابن الحسن بن عليّ بن أبي طالب.
وكان سبب ظهوره أنّ محمّد بن عبدالله بن طاهر لمّا ظفر بيحيى بن عمر أقطعه
__________________
وقد أنكر.
فنظر خالد في وجههما ثمّ قال : أتريد أن تجمع مع إثمك فيّ إثماً في هذا! كيف أودعه مالاً وأنا أشتمه وأشتم آباءه على المنبر! قال : فشتمه يوسف ، ثمّ رده ، (تاريخ الطبري ٧ : ١٦٧).
(١) تاريخ الطبري ٧ : ١٦٣ احداث سنة ١٢١.