١ ـ الأذان إعلام للصلاة أم بيان لأصول العقيدة؟
قال القاضي عياض : «اعلم أنّ الأذان كلام جامع لعقيدة الإيمان ، مشتملة على نوعيه من العقليّات والسمعيّات ، فأوّله إثبات الذات وما يستحقّه من الكمال [أي الصفات الوجودية] ، والتنزيه عن أضدادها [أي الصفات العدمية] ، وذلك بقوله «الله أكبر» ، وهذه اللفظة مع اختصار لفظها دالَّة على ما ذكرناه.
ثمّ صرّح بإثبات الوحدانيّة ونفي ضدّها من الشركة المستحيلة في حقّه سبحانه وتعالى ، وهذه عمدة الإيمان والتوحيد ، المقدّمة على كلّ وظائف الدين.
ثمّ صرّح بإثبات النبوّة والشهادة بالرسالة لنبيّنا ، وهي قاعدة عظيمة بعد الشهادة بالوحدانيّة وموضعها بعد التوحيد ، لأنّها من باب الأفعال الجائزة الوقوع ، وتلك المقدّمات من باب الواجبات ، وبعد هذه القواعد كملت العقائد العقليّات فيما يجب ويستحيل ويجوز في حقّه سبحانه وتعالى.
ثمّ دعا إلى ما دعاهم إليه من العبادات ، فدعا إلى الصلاة وجعلها عقب إثبات النبوّة ، لأنَّ معرفة وجوبها من جهة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لا من جهة العقل.
ثمّ دعا إلى الفلاح ، وهو الفوز والبقاء في النعيم المقيم ، وفيه إشعار بأُمور الآخرة من البعث والجزاء ، وهي آخر تراجم عقائد الإسلام.
ثمّ كرّر ذلك بإقامة الصلاة للإعلام بالشروع فيها ، وهو متضمّن لتأكيد الإيمان وتكرار ذكره عند الشروع في العبادة بالقلب واللسان وليدخل المصلّي فيها على بيّنة من أمره وبصيرة من إيمانه ويستشعر عظيم ما دخل فيه وعظمة حقّ مَن يعبده وجزيل ثوابه ...» (١).
__________________
(١) نقله عنه النووي في المجموع ٣ : ٧٥. وانظر كلام السيّد البكري في حاشية اغاثة الطالبيين ١ : ٢٢٩ والبخاري في شرح الكرماني ٥ : ٤ وشرح النووي على مسلم.