وقد نقل محمّد بن علان ـ شارح الأذكار النوويّة ـ كلام القاضي عياض بشيء من التصرّف ، كقوله :
ثمّ كرّر التكبير آخره إشارة إلى الاعتناء السابق ، لأنَّ هذا المقام هو الأصل المبنيّ عليه جميع ما تقرّر من العقائد والقواعد ، وختم ذلك بكلمة التوحيد إشارة إلى التوحيد المحض ... (١).
وكان آخره اسم «الله» ليطابق البداءة ، إشارة إلى أنَّه الأوّل والآخِر في كلّ شيء ، قال القاضي : «ثمّ كرّر ذلك عند إقامة الصلاة للإعلام بالشروع فيها ، وفي ذلك تأكيد الإيمان وتكرار ذكره عند الشروع في العبادة بالقلب واللسان ، ليدخل المصلّي فيها على بيّنة من أمره وبصيرة من إيمانه ويستشعر عظيم ما دخل فيه وعظيم حقّ مَن عبده وجزيل ثوابه على عباده (٢).
وقد علّق ابن علان على كلام القاضي عياض بقوله : (قلتُ : قال ابن حجر في شرح المشكاة : وللاعتناء بشأن هذا المقام الأكبر كرّر الدالّ عليه أربعاً إشعاراً بعظيم رفعته ، وكأنّ حكمة خصوص الأربع أنَّ القصد بهذا التكرير تطهير شهود النفس بشهود ذلك عن شهواتها الناشئة عن طبائعها الأربعة الناشئة عن أخلاطها الأربعة.
وفي شرح العباب له : (وكأنَّ حكمة الأربع أنَّ الطبائع أربعة لكلٍّ منها كمال ونقص يخصّه بإزاء كلّ منها كلمة من تلك ليزيد في كمالها ويطهّر نقصها ، وكذا يقال بذلك في كلّ محلّ ورد فيه التربيع) (٣).
__________________
(١) وهو أن (لا إله إلّا هو) ، معنى آخر لقوله : (إنّا لله وإنّا إليه راجعون) أو قوله : (وإلى ربّك المنتهى).
(٢) انظر : الفتوحات الربّانيّة على الأذكار النوويّة ٢ : ٨٤.
(٣) الفتوحات الربانية ٢ : ٨٣.