وفي (تاريخ أبي الفداء) : ... وقعت الفتنة ببغداد بين السنّة والشيعة ، وعَظُم الأمر حتّى بطلت الأسواق ، وشرع أهل الكرخ في بناء سور عليهم محيطاً بالكرخ ، وشرع السنّة من القلاّئين ومن يجري مجراهم في بناء سور على سوق القلائين ، وكان الأذان بأماكن الشيعة بـ «حيّ على خير العمل» وبأماكن السنة «الصلاة خير من النوم» (١).
وفي (النجوم الزاهرة) : ... فيها كان من العجائب أنّه وقع الصلح بين أهل السنّة والرافضة وصارت كلمتهم واحدة ، وسبب ذلك : أن أبا محمّد النسوي ولي شرطة بغداد وكان فاتكاً ، فاتّفقوا على أنّه متى رحل إليهم قَتَلوه ، واجتمعوا وتحالفوا ، وأُذّن بباب البصرة «حيّ على خير العمل» ، وقرئ في الكرخ فضائل الصحابة ، ومضى أهل السنة والشيعة إلى مقابر قريش ، فعدّ ذلك من العجائب ، فإنّ الفتنة كانت قائمة والدماء تُسكب والملوك والخلفاء يعجزون عن ردّهم حتّى ولي هذا الشرطة ، فتصالحوا على هذاالأمر اليسير (٢).
بغداد (سنة ٤٤٣ ه)
قال ابن الأثير في (الكامل) : ... في هذه السنة في صفر تجدّدت الفتنة ببغداد بين السنّة والشيعة وعظمت أضعاف ما كانت قديماً ، فكان الاتفاق الذي ذكرناه في السنة الماضية غير مأمون الانتقاض لما في الصدور من الإحن ، وكان سبب هذه الفتنة أن أهل الكرخ شرعوا في عمل باب السمّاكين ، وأهل القلاّئين في عمل ما بقي من باب مسعود ، ففرغ أهل الكرخ ، وعملوا أبراجاً كتبوا عليها بالذهب : «محمّد وعليّ خير
__________________
(١) تاريخ أبي الفداء ١ : ١٧٠.
(٢) النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ٥ : ٤٩.