وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) (١) ـ ملعونين ، في حين نراه سبحانه قد أثنى عليهم بقوله : (عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَ يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (٢).
ولو صحّ هذا الاحتمال لكانت أيدي المؤمنين ملعونة كذلك ؛ لقوله : (قاتِلوهُم يُعَذّبْهُمُ اللهُ بأيدِيكُم) (٣).
ومثله حال بقية المعاذير التي ذكرها مفسروا أهل السنة والجماعة للتخلّص من كيفية صحّة لعن الشجرة ، ومحاولتهم صرف الآية الكريمة عن لعن شجرة بني أميّة (٤).
وإنكّ لو تدبّرتَ في تفسير قوله تعالى : (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) لعرفت أنّ المقصود منها بنو أميّةِ ؛ لما فعلوه من قبيح الأعمال ، ولا يصحّ ما قالوه بأنّ المعنيّ من الرؤيا هي الإسراء وغيرها من الأفكار الفاسدة.
وبهذا فقد عرفت أَنَّ جهلهم بالاُمور الغيبية ومكانة الرسول لم يكن عن قصور أو تقصير بَدْويَّينِ ، بل إنَّ جذوره ترجع إلى خلفيات هي أعمق ممّا قالوه بكثير.
مع الرسول ورؤياه
قال الآلوسي في تفسير آية الرؤيا : ... وأخرج ابن جرير ، عن سهل بن سعد ، قال : «رأى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بني أميّة يَنْزون على منبره نزو القردة فساءه ذلك ، فما
__________________
(١) المدّثر : ٣١.
(٢) التحريم : ٦.
(٣) التوبة : ١٤.
(٤) انظر : على سبيل المثال تفسير الميزان ١٣ : ١٤١ ـ ١٤٣ ففيه جواب تلك المعاذير لمطروحة.