والروح و ... والمسلم هو الذي يسلم بالغيب ويؤمن به لقوله تعالى : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) (١).
فلو كان معراج النبيّ محمّد في ليلة واحدة ممتنعاً لكان القول بنزول آدم من الجنّة وإصعاد عيسى إلى السماء ممتنعاً ، بل لسرى الشك في المعجزات لأنّها في أصلها خرقٌ للقوانين المادية.
وعليه فهذه الرؤية طرحت لبذر الشكّ في قلوب المؤمنين من قبل (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) (٢) أو (الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ) (٣) في حين أنّ رسالة السماء معناها الغيب والماورائيات وهي تتفق مع الإسراء وما جاء فيه ، وهذا ما لا تدركه عقول هؤلاء من الامتحان الإلهيّ الذي سُنّ ليمحّص الله به المؤمنين ويميزهم عن الكافر ين والمنافقين.
هذا وقد أجاب العلاّمة الطباطبائي في (الميزان) عمّا قاله بعض المفسّرين من أنّ الشجرة الملعونة في القرآن تعني شجرة الزقّوم التي قال عنها الباري جلّ شأنه : (أَذٰلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ) (٤) ، بأنّ هذا الاحتمال بعيد جدّاً لأنّه جلّ شأنه لم يلعنها في موضع من القرآن الكر يم ، ولو كان مجردّ كونها شجرةً تخرج من أصل الجحيم سبباً موجباً للعنها في القرآن الكر يم لكانت النار وما أعدّ الله فيها من العذاب ملعونة وهذا ما لم يَقُله أحد ، ولكان ملائكةُ العذاب ـ الذين قال عنهم جل شأنه : (وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلّا مَلاَئِكَةً
__________________
(١) البقرة : ٣.
(٢) المائدة : ٥٢ ، التوبة : ١٢٥ ، الأنفال : ٤٩.
(٣) النحل : ٢٢.
(٤) الصافّات : ٦٢ ـ ٦٣.