بغداد (سنة ٤٤١ ـ ٤٤٢ ه)
ذكر ابن الأثير في حوادث هذه السنة : ... وفيها مُنع أهل الكرخ من النَّوح ، وفعل ما جرت عادتهم بفعله يوم عاشوراء ، فلم يقبلوا وفعلوا ذلك ، فجرى بينهم وبين السنيّة فتنة عظيمة قُتل فيها وجرح كثير من الناس ، ولم ينفصل الشرّ بينهم حتّى عبر الأتراك وضربوا خيامهم عندهم فكفّوا حينئذ.
ثمّ شرع أهل الكرخ في بناء سور على الكرخ ، فلمّا رآهم السنيّة من القلاّئين ومن يجري مجراهم شرعوا في بناء سور على سوق القلاّئين ، وأخرج الطائفتان في العمارة مالاً جليلاً ، وجرت بينهما فتن كثيرة ، وبطلت الأسواق وزاد الشر حتّى انتقل كثير من الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي فأقاموا به.
وتقدّم الخليفة إلى أبي محمّد بن النسوي بالعبور وإصلاح الحال وكفّ الشر ، فسمع أهل الجانب الغربي ذلك فاجتمع السنة والشيعة على المنع منه ، وأذّنوا في القلاّئين وغيرها بـ «حيّ على خير العمل» وأذّنوا في الكرخ بـ «الصلاة خير من النوم» وأظهروا الترحّم على الصحابة ، فبطل عبوره (١).
وفي (المنتظم) وضمن بيان حوادث سنة ٤٤٢ هـ : ... انّه ندب أبو محمّد النسوي للعبور وضبط البلد ، ثمّ اجتمع العامّة من أهلِ الكرخ والقلاّئين وباب الشعير وباب البصرة على كلمة واحدة في أنه متى عبر ابن النسوي أحرقوا أسواقهم وانصرفوا عن البلد ، فصار أهل الكرخ إلى باب نهر القلاّئين ، فصلّوا فيه وأذنوا في المشهد «حيّ على خير العمل» وأهل القلاّئين بالعتيقة والمسجد بالبزّازين بـ «الصلاة خير من النوم» واختلطوا واصطلحوا وخرجوا إلى زيارة المشهدين مشهد عليّ والحسين (٢).
__________________
(١) الكامل في التاريخ ٨ : ٥٣.
(٢) المنتظم ١٥ : ٣٢٥.