ذكرنا بعضها ، وستقف على غيرها لاحقاً ، وستعرف بأنَّ السِّرَّ في رفع «حيّ على خير العمل» لم يكن لِما علّلوه ، وكذا المقصود من جملة «الصلاة خير من النوم» لم يكن كما يفهمه عامّة الناس من العبارة ، بل هناك أسرار ومسائل تكتنف هذه الفصول سنرفع الستار عنها في الباب الثاني من هذه الدراسة بإذن الله تعالى.
٢ ـ توقيفيّة الأذان
وصل البحث بنا إلى طرح سؤال آخر وهو : هل الأذان توقيفيّ بمعنى لزوم إتيان فصوله كما هي ، أم إنّ لنا الحق في الزيادة والنقصان حسب ما تقتضيه المصلحة وهو المعني بعدم توقيفيته كما مرّت الإشارة إليه؟ وهل هناك فرق بين الأمور التوقيفية العباديّة وغيرها ، وبين الواجبات والمستحبات ، أم لا؟
بل ما هو حكم الأذان ، وهل توقيفيته كالقرآن لا يمكن الزيادة والنقيصة فيها؟ أم أن توقفيته هي بشكل آخر؟
من الثابت المعلوم أن الأذان توقيفيّ ، وقد مرت عليك نصوص أهل بيت النبيّ الدالّة على أنّه شرّع في الإسراء والمعراج ، ومثله جاء في كتب بعض أهل السنة والجماعة.
لكن من حقّنا أن نتساءل : لو كان كذلك فكيف لنا أن نتعامل مع بعض الأحاديث والنصوص المشعرة بعدم التوقيفية ، وذلك لما فيها من الزيادة والنقصان ، وعلى أيّ شيء تدل ، هل على التخيير أم الرخصة أم على شيء آخر؟
روى أبو بصير عن أبي عبدالله الصادق عليهالسلام ، قال : لو أنّ موّذناً أعاد في الشهادة وفي حيّ على الصلاة أو حيّ على الفلاح المرتين والثلاث وأكثر من ذلك إذا كان إماماً يريد به جماعة القوم ليجمعهم لم يكن به بأس (١).
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٠٨ ح ٣٤ والنصّ عنه ، وعنه في وسائل الشيعة ٥ : ٤٢٨.