إنْ إكمال الدين وإتمام النعمة لا يكون إلّا بإمامة عليّ وولده ، وهذا ما دلّلت عليه الكتب الكلامية ، ودلّت عليه الآيات الكريمة التي منها آية التطهير وآية الولاية (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ ...) وآية المباهلة ، وسورة الدهر ، وغيرها من عشرات الآيات والأحاديث ـ إن لم نقل المئات ـ دالّة عليه ، وهذا ما يجب أن يعتقد به كلّ مسلم ؛ إذ عرفتَ أنْ لا صلاة كاملة ومقبولة إلّا بولايتهم.
إنّ عبارة «حيّ على خير العمل» الدالة على الإمامة هي جزء من الأذان ؛ لما تظافرت به روايات الإمامية الاثني عشرية ، والزيدية ، والإسماعيلية ، ولوجودها حتّى في مصادر أهل السنّة ، وقد أذّن بها كبار الصحابة ، وحكي عن الإمام الشافعي والإمام مالك القول بجزئيتها ، وسنزيد المسألة وضوحاً وجلاءً في الباب الثالث (أشهد أنّ عليّاً ولي الله بين الشرعية والابتداع) من هذه الدراسة ، ضمن بحثنا عن شرعية الشهادة الثالثة أو بدعيتها.
ما وراء حذف الحيعلة الثالثة
نصَّ التفتازاني والقوشجي وغيرهما على دافع الخليفة عمر بن الخطّاب إلى حذف هذا الفصل من الأذان ، واتّفق الزيديّة والإسماعيليّة والإماميّة على ثبوت هذا الحذف عنه ، في حين جرى التعتيم على هذه النقطة في أغلب كتب أهل السنّة ، على الرغم من تأكيد كثير من النصوص التاريخيّة والحديثية المتناثرة في المصادر على حذف عمر لحيّ على خير العمل للدافع الذي أعلنه.
إنّ ما ذكر من تعليل لحذف الحيعلة الثالثة قد يكون وجيهاً عند عمر بن الخطّاب ؛ لانسجامه مع نفسيته ومنهجه في فهم النصوص ، وللظروف التي كان يعيشها من غزوات وحروب وتوسيع لرقعة الدولة ، وهو ممّا يستوجب بالطبع جمع الطاقات وتوظيفها للغرض المنشود ، وعدم السماح للمتقاعدين في التشبث بعلل