فأوّل ما تطالعنا النصوص بهذا الصدد هو كلام سفيان بن الليل حينما قدم على الإمام الحسن بعد الصلح ، قال : فتذاكرنا عنده الأذان فقال بعضنا : إنّما كان بدء الأذان برؤيا عبدالله بن زيد.
فقال له الحسن بن عليّ : إنّ شأن الأذان أعظم من ذلك ، أذَّن جبرئيل ..
وهذا يرشدنا إلى تذاكر المسلمين في أمر الأذان بعد الصلح لقوله (لما كان من أمر الحسـن بن عليّ ومعاوية ما كان قدمـت المـدينة وهـو جالس في أصحابه).
فبعضهم في هذا الخبر يقول : (إنّما كان بدء الأذان برؤيا عبدالله) ، لكنّ الإمام الحسن صحّح رؤ يتهم الخاطئة قائلاً : إن شأن الأذان أعظم من ذلك.
ونحن لو واصلنا السير التاريخي وانتقلنا من خبر الإمام الحسن إلى ما جاء عن الإمام الحسين وأنّه سئل عمّا يقول الناس؟ فقال عليهالسلام : «الوحي ينزل على نبيكم ، وتزعمون أنّه أخذ الأذان عن عبدالله بن زيد» ؛ لعرفنا استمرار هذا النزاع بين الناس وأهل البيت في كيفية نشوء وبدء تشريع الأذان.
وقد مر عليك كلام أبي العلاء سابقاً حيث قال : قلت لمحمّد بن الحنفية : إنا لنتحدث أنّ بدء الأذان كان من رؤيا رآها رجل من الانصار في منامه.
قال : ففزع لذلك محمّد ابن الحنفية فزعاً شديداً وقال : عمدتم إلى ما هو الاصل في شرائع الإسلام ومعالم دينكم فزعمتم أنّه إنّما كان رؤيا رآها رجل من الأنصار في منامه يحتمل الصدق والكذب وقد تكون أضغاث أحلام.
قال : فقلت : هذا الحديث قد استفاض في الناس؟
قال : هذا والله هو الباطل ...
فبدءُ النزاع العلني وانتشاره كان في زمن معاوية بعد صلح الإمام الحسن ، وفزعُ محمّد بن الحنفية الفزع الشديد ، وإخبارهم إياه باستفاضة هذا الحديث ، ليدلاّن على أنّ وضع تلك الأحاديث الأذانية أو بدء انتشارها كان في زمان معاوية