الأذان أيّام النبيّ ، وفي خلافة أبي بكر ، وفي صدر من خلافة عمر ثمّ نهى عنها» (١).
وبعد ذكر جواب هذا الزيديّ على الإشكال الأوّل ، نقول : إنّ من الثابت المعلوم أَنْ ليس باستطاعة كتبهم التسعة أن تضمّ جميع الأحاديث والروايات المرويّة على مرّ التاريخ ، بل ولم يدَّعِ أصحاب تلك الكتب أنفسهم الإلمام بكلِّ ما رُوِي أو جمعهم لكل ما صح عن رسول الله.
بلى ، إنّهم ادعوا أنّ أحاديثهم منتقاةٌ من الأحاديث الصحيحة ، وبهذا المعنى صرح كلٌّ من النسائيّ والبخاريّ وابن ماجة وغيرهم ، فهذا يقول إنَّه انتقى صحيحه من ستمائة ألف حديث صحيح ، وذاك يقول إنّه أخذها من ثلاثمائة ألف حديث صحيح .. وهكذا.
وصحيح أنَّهم يصفون الأحاديث التي انتقوها بأنّها صحيحة ، ولكنّهم بذات الوقت لا ينكرون صحّة بقيّة الأحاديث المتروكة عندهم ـ التي لم يشملها تدوينهم ـ فهم والحال هذه لا ينفون وجود أحاديث صحيحة عند الآخرين.
فلو لاحظت أحاديث عبدالله بن زيد الأنصاري المعتمدة عندهم في تشريع الأذان فلا تجدها في صحيحي البخاري ومسلم ، ولم يأتِ بهما الحاكم في مستدركه ، فما يعني هذا اذاً؟
ونحن قد بيّنّا أنّ ثمّة اتفاقاً بين الفريقين على ثبوت «حيّ على خير العمل» في عهد رسول الله واستمرّ ذلك إلى أن جاء المنع من قبل عمر بن الخطاب ، وبهذا تتأكّد شرعيّة وثبوت «حيَّ على خير العمل» إلى أنّ حكم عمر بن الخطّاب بعدم
__________________
(١) انظر : هامش مسند زيد بن علي : ٨٤ عن الأذان بحيّ على خير العمل : ٦٣ بتحقيق عزّان. والنص عن طبعة دار الحياة لمسند الإمام زيد.