الثالثة هو اطلاعه على المقصود من عبارة «حيّ على خير العمل» في الأذان ، ودلالتها على ولاية أهل البيت ، لصرف الانتباه عنها ، وذلك بكتمانها وحذفها ، فمَنَعها تحت غطاء الحفاظ على كيان الدولة الإسلامية وتوسيع رقعتها بالجهاد ، لكن الطالبيين قد أدركوا هذا الأمر وأصرّوا على الإتيان بها رغم كلّ الظروف الحالكة ، وهذا ما ستقرأه بعد قليل إن شاء الله تعالى.
ولذلك كان الإمام عليّ عليهالسلام في أيّام خلافته يلمح ويشير إلى أنّ حذف «حيّ على خير العمل» كان جوراً عليه وعلى الإسلام ، فكان إذا سمع مؤذّنه يقول «حيّ على خير العمل ، حيّ على خير العمل» قال : مرحباً بالقائلين عدلاً (١) ، معرّضاً بمن رفعها ، لأنّ عليّاً هو خير العمل وهو العدل الذي يدور مع القرآن حيثما دار ويدور معه القرآن أيضاً.
والذين ظنّوا أنّ الصلاة تقتصر على شكلها الظاهري دون المحتوى الذي هو الطاعة (٢) سعوا إلى ترسيخ فكرة أن هل البيت ومودتهم ليست خير العمل ، فكان لحذفها من الأذان مغزى عرفه أهل البيت فأنكروا حذفها ، كما عرفه مخالفوهم فأصروا على حذفها.
ومن خلال هذه الدلائل العديدة استبان لنا أنّ «خير العمل» كناية عن إمامة عليّ عليهالسلام التي هي امتداد لنبوّة النبيّ ، وامتداد للتوحيد ، وهذا ما رواه الباقر والصادق عليهماالسلام من أئمّة أهل البيت في قوله تعالى : (فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٨٨ / ح ٨٩٠.
(٢) أي طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة وليّه ، والأخيران منتزعان من الأولى ، وقد مرّ عليك قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن أطاع علياً فقد أطاعني ومن عصى علياً فقد عصاني ، وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : فاطمة بضعة مني ... فمن آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله جلّ وعلا.