وهذا يعني أنّ هذا التفسير لحي على خير العمل كان سائداً في لسان المتشرعة منذ زمن أهل البيت وحتّى يومنا هذا.
وقد أفتى القاضي ابن البرّاج باستحباب ذكر هذا التفسير ، فقال : ويستحب لمن أذّن أو أقام أن يقول في نفسه عند «حيّ على خير العمل» : «آل محمّد خير البرية» ، مرتين (١).
وكون عليّ عليهالسلام هو المراد من «حيّ على خير العمل» ، والنبيّ من «حيّ على الفلاح» ، وطاعة الرب وعبادته من «حيّ على الصلاة» ، فيه من وجوه البلاغة ما لا يخفى ، إذ فيه من انواع البديع ما يسمّى بالتلميح ، وهو أن يشار في الكلام إلى آية من القرآن أو حديث مشهور أو شعر مشهور أو مثل سائر أو قصة أو معنى معروف ، من غير ذكر شيء من ذلك صريحاً. وأحسنه وأبلغه ما حصل به زيادة في المعنى المقصود.
قال الطيبي في التبيان : ومنه قوله تعالى : (وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً) قال جارالله الزمخشري : قوله : (وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً) فيه دلالة على تفضيل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو خاتم الأنبياء ، وأنّ أمته خير الأمم ، لأنّ ذلك مكتوب في الزبور ، قال تعالى : (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) ، قال : وهو محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمته (٢).
فهنا ألمح الله سبحانه وتعالى لعباده بأن الصلاة له لا لغيره ، وأنّ الفلاح الذي قامت به الصلاة هو اتباع رسول الله محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لا الاجتهاد مقابل النص ، وان
__________________
(١) المهذب لابن البراج ١ : ٩٠ باب الأذان والإقامة وأحكامهما.
(٢) انوار الربيع ٤ : ٢٦٦. ومن هذا الباب تلميح أبي العلاء المعري للشريف المرتضى بقصيدة المتنبي : لك يا منازل في القلوب منازل. انظر : أنوار الربيع ٤ : ٢٩٢ ـ ٢٩٣. هذا وقد أخذ الطيبي والزمخشري هذا عن تفسير النسفي ٢ : ٢٩٠ سورة الاسراء.