الحكم لما كان فردا من الخبائث كالدخان ليس من باب المصالح المرسلة وإنما هو من باب التمسك بالعام في أحد مصاديقه وبهذا يظهر لك أن التمسك بنفي الحرج والضرر في مورد الضرر والحرج ليس من باب المصالح المرسلة وإنما هو من باب التمسك بالعام في أحد مصاديقه وهكذا التمسك بالأمر بالاحسان والعدل لقوله تعالى (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ) في مورد الإحسان والعدل ليس من الاستصلاح والمصالح المرسلة وإنما هو من التمسك بالعام في أحد مصاديقه.
وبعضهم قسّم المصالح إلى مصالح ثلاث : ـ
الأولى : ـ المصلحة المعتبرة سواء كانت منفعة أو دفع مفسدة ومضرة وهي التي شرع الشارع أحكاما لتحققها ودل الدليل على أنه قصدها عند تشريعه وهذه لا إشكال في وجود الحكم عند وجودها وتبعيته لها وتسمى بملاك الحكم ومناطه وقد قسموا هذا النوع من المصلحة إلى ثلاثة أقسام :
الأول : ـ ما كانت ضرورية لا بد منها. بحيث إذا لم تنفذ فسد الاجتماع واختل نظام الحياة وحدث الهرج والمرج وهو خمسة حفظ الدين والنفس والمال والنسل والعقل فإن الشارع قد شرع أحكاما لحفظها ودفع ما يفسدها كالجهاد وحرمه الالقاء في التهلكة وحرمة الغصب وحلية النكاح وحرمة الزنا وحرمة شرب الخمر ، ومن ذلك قتل الكافر المضل فإن المصلحة في قتله هي دفع مفسدته بالإضلال للغير.
الثاني : ـ ما كانت حاجية وهي التي يحتاج الناس اليها من حيث التوسعة ودفع الضرر والعسر والحرج كالإباحة لبعض المحضورات في بعض المناسبات وكالرخصة لترك بعض العبادات في بعض الاحوال كالصلاة من جلوس للعاجز وكالافطار للصوم للضرر وإباحة الطيبات