لأنه ليس عندنا الّا نفس الخطابات وهي لا تحرز بها الصغريات وإنما تحرز بها الكبريات.
والعلم الموجود عندنا لا يفيد شيئا لأن غاية ما يقتضيه هو وجوب الاجتناب عن الخمر الواقعي في الواقع وهذا لا ينكره الخصم والذي يدعيه الخصم سقوط هذا الخطاب عن التنجز عند الشك في تحقق موضوعه وهو الخمر في كل من الافراد ، وعلى المستدل إثبات تنجز هذا الخطاب ولذا نرى أن للموالي أن يرخصوا في أطراف العلم الاجمالي فإن المولى إذا قال : «أكرم زيدا» له أن يقول لعبده عند تردد زيد معذور في ترك إكرامه بل للعبد أن يترك إكرام زيد عند تردده فيه بين أفراد معدودين وليس له أن يعتذر فيما لو علم بزيد تفصيلا.
إن قلت نرى بالوجدان ترك الأكل عند العلم بأن أحد الإناءين فيه سم.
قلنا هذا حتى عند الشبهة البدوية فإنا نترك محتمل السم» والسر في ذلك عدم المؤمن منه بخلاف ما نحن فيه فإن الخصم يدعي المؤمن من العقاب عند الشك ليحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان.
وبعبارة أخرى : إن احتمال الضرر الدنيوي لا يزول معه الضرر حتى في الشبهة البدوية بخلاف الضرر الاخروي فانه يزول عند الشك وإن شئت قلت إن محل كلامنا العقاب فإن احتماله هو الموجب للاطاعة وبالشك يرتفع كما في الشبهة البدوية ـ والخصم يدعي ارتفاعه عند الشبهة الاجمالية أيضا.
إن قلت إن الحكم المعلوم بالتفصيل لا يجعل في مورده حكما ظاهريا لأن الحكم الظاهري سمته سمة الطريق للواقع ومع انكشافه لا يعقل جعله مماثلا للواقع ولا مغايرا له وهكذا العلم الاجمالي يكون كاشفا