للواقع فلا يصح جعل الحكم الظاهري في مورده لأنه يصطدم بمقدار الكشف الحاصل بالعلم الاجمالي فإن هذا الكشف الجزئي ينافيه الترخيص في سائر الاطراف بمقداره نعم ترخيص بعضها لا ينافيه.
وتوضيح الحال إن عدم فعلية التكليف أما تكون لعدم المقتضي لبلوغه إلى هذه المرتبة كسائر الاحكام في صدر الاسلام ثم صارت فعلية في زمن الأئمة (ع)
وفي هذه الصورة لا وجه لجعل الحكم الظاهري لمثل هذه الاحكام الغير الفعلية ، وأما أن تكون عدم الفعلية لمانع من أمور خارجية كالعسر والحرج ونحوها ، ومنه قوله (ص) «لو لا أن أشقّ على أمتي لأمرتهم بالسواك» فإن وجوب السواك حكم غير فعلي لوجود المانع وهو المشقة ومن هذا الباب المستحبات التي يزيد ثوابها على ثواب الواجبات ، وأما أن تكون عدم الفعلية لعدم الانكشاف فإن كان لعدمه أصلا بحيث لم ينكشف الواقع بأدنى منفذ كالشبهة البدوية فلا مانع من جعل الحكم الظاهري في مورد الحكم الواقعي وإن كان لعدم الانكشاف في الجملة بحيث يكون للواقع انكشاف في الجملة كما في صورة العلم الاجمالي مع جعل الحكم الظاهري في أحد الأطراف ولا يجوز جعله في كلها ضرورة إن الاجمال يكون مانعا بقدره لكونه فيه مقدار من الكاشفية فيقدر المنع بقدرها.
قلنا : إنما يؤثر هذا الانكشاف الجزئي وأوجب فعلية التكليف وتنجزها وهو أول الكلام فللخصم أن يقول إن هذا التردد كان مانعا من التنجز أو الفعلية.
والحاصل أن العلم الاجمالي حلقة متوسطة بين العلم التفصيلي والشك البدوي فهو يتبع أخس المقدمات الحاصلة به لمعرفة الحكم الشرعي.