لكثرت العلماء وصعوبة الاطلاع على أقوالهم كانت من هذا القبيل ثانيها : الحس بالاستقراء لجميع الفقهاء ضرورة عدم حصول العلم بالكل مع الشك في ثبوت الفتوى بالحكم لبعض الأفراد لم يحصل به بالحس باتفاق سائر الفقهاء.
ثالثها : الفعل بان يقوم على الفتوى دليل واضح الدلالة سهل الاطلاع عليه بحيث الوضوح والسهولة يوجبان حكم العقل باتفاق الفقهاء على الفتوى بمضمونه ومن هذا ما قامت عليه ضرورة الدين والاجماع في مثل هذه الايام غير مستند إلى الثاني وهو الحس لما ذكرنا من عدم امكان مشاهدة كل واحد من العلماء فضلا عن معرفة فتواهم في المسألة إلا إذا فرض كون علماء العصر معدودين حاضرين في مجلس واحد وهو مجرد فرض غير واقع مع أن باب احتمال الخلاف مع ذلك غير منسد لاحتمال أن بعضهم لم يحضر أو لاحتمال السهو في الفتوى والنسيان والخطأ ونحو ذلك بل حكى الرازي عن جماعة إنا لو فرضنا أن سلطانا جمع علماء العالم فرفعوا أصواتهم إنا أفتينا بكذا لما حصل العلم بالاجماع لجواز أن يكون مخالف خاف الجمع أو الملك أخفى صوته بالخلاف من ضجيج الخلائق. ولا إلى الثالث لعدم صحة الاعتماد على هذا الاجماع إنما المتبع هو ذلك الدليل فيؤخذ بمقدار دلالته وحدودهما بالاجماع لكونه تابع لها مع انه لم يكن معرفة الاجماع بطريق الحس بالفتوى منهم كما هو المفروض وأما الأول وهو الحدس فيمكن الأخذ به لمن حصل عنده الحدس القطعي بذلك. ولعل الاجماع المدعى من المتأخرين من الفريقين يكون من هذا القبيل وأما لو كان حصل عنده الحدس الظني بالاجماع فالظن ليس بحجه لأنه لم يقم دليل على اعتباره هذا مع انه لم تكن معرفة الفتوى منهم من طريق الحس كما