بملاحظة ما ذكرناه سابقا يتضح لك مواضع النظر في كلامه رفع الله مقامه أكثر وأكثر.
ودعوى أن الاشتغال اليقيني يستدعي ويقتضي الفراغ اليقيني وقد اشتغلت الذمة بالحرمة لشرب الخمر وفراغها بترك الإناءين مدفوعة بأن هذا صحيح اذا كان المقتضى وهو اشتغال الذمة موجودا ومتيقنا مع عدم صدور اذن من الشارع ولكننا ننكر وجود المقتضي واليقين باشتغال الذمة بالتكليف المعلوم باجمال لما عرفت من عدم إحراز الصغرى المبينة لوجود موضوع التكليف في كل من المشتبهين ، ولو سلمنا فالإذن صادر من الشارع بارتكابهما بأدلة البراءة ونحوها.
ودعوى أن تجويز ارتكاب المشتبهين يفضي الى امكان التوصل إلى ارتكاب جميع المحرمات على وجه مباح بأن يجمع بين الحلال والحرام المعلومين تفصيلا كالخمر والخل على وجه يوجب الاشتباه فيرتكب شرب الخمر محللا مدفوعة بأن حرمة الارتكاب في هذه الصورة لا مجال لانكارها لتحقق قصد العصيان منه مع ارتكابه للحرام الواقعي عند امتزاجهما فيكون مرتكبا للمحرم المعلوم تفصيلا لأنه بعد الامتزاج صار هذا المائع معلوما بالتفصيل.
وأما عند عدم الامتزاج فإنه كذلك لا يجوز له ارتكاب أي واحد منها فضلا عن مجموعهما لإمكان تحقق قصد ارتكاب الحرام مع فعل الحرام فيما لو ارتكبهما وفيما إذا ارتكب أحدهما وكان هو الحرام الواقعي كان وقوع الحرام منه بقصده نظير من القى نفسه من شاهق للموت فان موته كان بقصده واختياره والعقل يحكم باستحقاق العقاب أيضا لسوء تجريه بناء على حرمة التجري.
ودعوى أن الأحكام الظاهرية إنما جعلت نظرا للواقع وللتوصل