بل هي محكومة بها إذ الحكم من مقولة الانشاء وهو قائم بنفس الحاكم فلا ربط له بالمحمولات المنتسبة الى متعلقاتها فان تلك المذكورات من المحمولات القائمة بالفعل حاصلة من الإيجاب والتحريم ولا ربط لها بالحكم أصلا وتسمية الفقهاء لها بالحكم مسامحة باعتبار كونها من لوازمه.
الثاني إن الجعل في الشرعيات مساوق للخلق في التكوينات وليس الجعل إلا عبارة عن الانشاء الذي هو من أوصاف المنشئ وهكذا الخلق عبارة عن الإيجاد الذي هو من أوصاف الموجب وهذا الانشاء والجعل إن تعلق بالتكوينيات والموجودات الخارجية فالتغاير بينه وبين متعلقه حقيقي والإضافة في مثله لامية ، وان تعلق بالأمور القائمة في النفس كالجعل المتعلق بالطلب القائم بنفس الطالب وبالحكم القائم بنفس الحاكم والبيع القائم بنفس البائع ونحو ذلك من الأمور التى يكون تحققها بصدورها وقيامها بنفس فاعلها فالاضافة بيانية ولا مغايرة بينه وبين متعلقه إلا باعتبار فانشاء الحكم والطلب والبيع ونحو ذلك عين هذه الاشياء ولا مغايرة بينهما بالاعتبار كمغايرة الضرب الصادر من الضارب للضرب الواقع على المضروب.
وعلى هذا فإنشاء الحكم الشرعي عين الحكم الشرعي وما يلازمه من الطلبية والمطلوبية ونحوها أمور اعتبارية لا تأصل لها
الثالث انه وقع الخلاف بين الحكماء في لوازم الماهيات كحلاوة الحلويات وحرارة النار وضوئها ومرارة السم هل هي مجعولات بجعل مغاير لمحالها كما ذهبت اليه الأشاعرة واستدلوا عليه بقوله تعالى (جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً) ، أو أنها منجعلة بجعل محلها كما ذهب اليه المعتزلة وأشار اليه ابن سينا بقوله وما جعل الله المشمش مشمشا بل أوجده على هذا فالسببية كسببية البول للطهارة في الصلاة