يسلك مسلك العرف في نظرهم في تشخيص المفاهيم وبيانها فلا بد أن يكون مراده هو الابقاء عندهم في ما يرونه ابقاء لا ما هو ابقاء في نظر العقل أو بحسب الدليل.
وإن شئت قلت ان أدلة الاستصحاب عدا الاخبار عمدتها السيرة التي كان عليها بناء العقلاء وحكم العقل وهما من باب افادة الاستصحاب الظني بالبقاء ومع بقاء الموضوع عند العرف يحصل الظن بالبقاء.
وأما الإجماع فان المتمسكين به يعملون بالاستصحاب عند بقاء الموضوع عرفا وأما الأخبار فقد عرفت دلالتها على ذلك.
ومن هنا يظهر لك لسان الدليل الشرعي لو كان يحدد الموضوع. بأن كان ينفيه عما عداه كما لو قال الشارع في المثال المذكور يحرم العنب اذا غلى بخصوصه أو قال دون ما اذا صار زبيبا أو ما يؤدي هذا المعنى فانه لا يجرى الاستصحاب لأن الدليل دل على اختصاص الحكم بهذه الثمرة بهذا العنوان ونفيه عما عداه نظير ما إذا قام دليل آخر على حلية الزبيب فانه يقدم على الاستصحاب.
والحاصل ان الاستصحاب انما يجري اذا لم يكن الدليل دالا على ان الحكم يدور مدار الموضوع المأخوذ فيه وجودا وعدما بأن كان قاصرا وساكتا عن ثبوت الحكم عن غير ذلك العنوان ولم يكن دليلا آخرا يدل على انتفاء الحكم عند ارتفاع عنوانه وكان العرف يرى ان مركز الحكم ومقومه يكون موجودا عند ارتفاع عنوانه وتبدله بالعنوان الذي شك الفقيه في ثبوت ذلك الحكم له كما انه يظهر لك ان ذلك ليس من باب المسامحات العرفية بل العرف هو يرى بنظره ذلك وإن اطلع بأن الشارع قد جعل في دليله الموضوع هو هذا العنوان لكنه يرى انه من باب التعبير بالخاص لارادة العام لأنه اكثر ابتلاء أو أهم في نظره أو أنه واسطة في حدوثه كما لو قال الطبيب لا تأكل الرمان فإن العرف يرى ان مركز الحكم هو ذات جسمه بحيث لو صار الرمان